وفي هذه الغزاة أتى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - البكاءون، وهم سبعة فاستحملوه فلم يكن عنده ما يحملهم عليه، فـ {تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}[التوبة: ٩٢] فسموا البكائين.
وأنفق فيها ناس من المسلمين، فأنفق عثمان - رَحِمَهُ اللَّهُ - نفقة عظيمة جهز بها جماعة من المعسرين. روي أنه حمل في هذه الغزاة على تسعمائة بعير ومائة فرس، وجهزهم حتى لم يفقدوا عقالا ولا شكالا. وروي أنه أنفق فيها ألف دينار، وخرج عبد الله بن أبي ابن سلول بعسكره فضربه على باب المدينة أيضا، فكان عسكره فيما زعموا ليس بأقل العسكرين، وهو يظهر الغزاة مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما نهض رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تخلف فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب، وكانوا نيفا وثمانين رجلا خلفهم سوء نياتهم ونفاقهم.
وتخلف في هذه الغزاة من صالح المسلمين ثلاثة رجال، وهم كعب بن مالك الشاعر من بني سلمة، ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية الواقفي، وتفقدهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد يوم أو يومين، فقيل له: تخلفوا، فعجب