المدونة مثل قول سحنون، وذلك قوله فيه، ولأنه إذا أسلفك من عنده فتعدى، فأخذته فدفعت إليه الثمن، كان تولية؛ لأنه لم يلزمه شيء تعدى له فيه، ولا صرف فيه ذهبك؛ وليس ذلك بصحيح؛ لأنه إنما تكلم في المدونة على طعام مسلم فيه، ولا اختلاف في أن من له على رجل دنانير أو دراهم، لا يجوز له أن يستوليه بذلك طعاما مسلما فيه، ولا غير طعام أيضا؛ لأنه يدخله الدين بالدين، وبيع الطعام قبل أن يستوفى.
[مسألة: بيع البراءة في الدواب]
مسألة وقال مالك: لا ينفع بيع البراءة في الدواب وإن تبرءوا في ميراث ولا غيره، وإن وجد بها عيبا ردها؛ ولا براءة عندنا إلا في الرقيق، وضعف البراءة في الرقيق؛ قال ابن القاسم: وإن البراءة جائزة على مثل قضية عثمان بن عفان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
قال محمد بن رشد: قول مالك: إن البراءة لا تنفع في الدواب، هو الذي رجع إليه، خلاف قوله في موطئه: إن البراءة جائزة في الرقيق والحيوان؛ وأما العروض والثياب، فلم يختلف قوله: إنه لا براءة فيها؛ وقد أجاز البراءة فيها جماعة من السلف، وهو قول ابن وهب من أصحاب مالك، واختيار ابن حبيب، وقد مضى في رسم سلف، من سماع ابن القاسم، من كتاب العيوب، وجه الفرق عنده بين الرقيق والثياب في ذلك، وقد حكى ابن القاسم، عن مالك في المدونة أنه رجع عن إجازة البراءة في الرقيق،