للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل قتل أم لا؟ ويطاوله في ذلك، فإن تبين له منه أنه لم يقتل، قال: لا توبة له، وإن تبين له منه أنه قتل، قال: له توبة، وهو من حسن الفتوى.

ومن توبة القاتل أن يعرض نفسه على أولياء المقتول فإن أقادوا منه وإلا بذل لهم الدية، وصام شهرين متتابعين، أو أعتق رقبة إن كان واحداً أو أكثر من الاستغفار، ويستحب له أن يلازم الجهاد، ويبذل نفسه لله، وهذا كله مروي عن مالك، وفيه دليل على الرجاء عنده في قبول التوبة.

واختلف أيضاً في القاتل إذا أُقيد منه هل يكون القصاص كفارة أم لا؟ على قولين وقد مضى في كتاب المقدمات القول في أحكام القاتل في الآخرة وفي الدار الدنيا مستوفى، وبالله التوفيق.

[الحاكم لا يلزمه القعود للحكم إلا في ساعات من النهار]

في أن الحاكم لا يلزمه القعود للحكم إلا في ساعات من النهار قال مالك: سألني صاحب السوق في شغله بأمر الناس وقضائه بينهم، فكأنه رآه من أشغال أهل المدينة بعمله، فقال: إني ما أكاد أن أفرغ، قال مالك: ما ذلك عليك، اقعد للناس في ساعات من النهار، وإني أخاف عليك أن تكثر فتخطئ، ولم يرَ ذلك عليه، أن يتعب نفسه للناس نهاره إلا ساعة واحدة.

قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو ممَّا لا اختلاف فيه، إذ لا يلزمه الحمل على نفسه بموالاة الجلوس، وربما كان ذلك سبباً إلى أَن يكل ذهنه فيُخطئ في حكمه، فالحسن أن يجم نفسه في ساعات من النهار، فإن ذلك ممَّا يعينه على ما هو بسبيله، وله أَن يخرج إلى ضيعته يستريح بذلك المرة بعد المرة، ويقيم فيها اليوم واليومين على ما قاله ابن القاسم في رسم الجامع من سماع أَصبغ من كتاب تضمين الصناع، وبالله التوفيق.

<<  <  ج: ص:  >  >>