[مسألة: ليس لمن له إحدى ضفتي النهر أن يبني فيها رحى إلا بإذن الآخر]
مسألة وسئل عيسى عن رجل ابتنى رحى فأخرج طرف سده في أرض قوم فجعل لهم أياما معلومة من الشهر في الرحى على أن أسلموا له إخراج طرف سده في أرضهم، فقال: إن كان جعلهم شركاء في الرحى بعد أن تتم بقدر تلك الأيام من الشهر وشرطوا للرجل عملا موصوفا ثم يكونون فيه شركاء [من الغلة] ثم يكون عليهم من إصلاحها إذا خربت والقيام بها مثل ما لهم منها من تلك الأيام فذلك جائز، وإن كان إنما لهم غلتها تلك الأيام فقط ولا شيء لهم من أصل الرحى فلا خير فيه، فإذا فات ذلك بإخراج السد فيه فلهم قيمة أرضهم وعليهم أن يردوا ما أخذوا من الغلة.
قال الإمام القاضي: هذا بين على ما قال، إذ ليس لمن له إحدى ضفتي النهر أن يبني فيها رحى وينفذ سده إلى برية غيره الذي له الضفة الأخرى إلا بإذنه ورضاه، فإذا أذن له في ذلك على أن يكون له شرك في أصل الرحى بجزء من الأجزاء يتفقان عليه من نصف، أو ثلث أو ربع أو أقل أو أكثر فذلك جائز إذا تواصفا بنيان الرحى لأنه قد باع منه نصف الماء وموضع إخراج السد في أرضه بالجزء من أصل الرحى مبنية فلا بد أن يكون البناء موصوفا معلوما، ولا يجوز أن يأذن له في ذلك على أن يكون له أيام من الشهر من غلتها دون أن يكون له مقدار ذلك من أصلها لأنه غرر، وقد «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الغرر» ، وقد مضى القول في المسألة التي قبلها إذا أذن له في ذلك على أن يطحن له فيها كل شهر كذا وكذا فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.