إلا أن يشترط منه أمرا معروفا، فقول عيسى بن دينار في هذه المسألة على قياس قول ابن القاسم في المدونة؛ لأن معنى قوله فيها على أن يطحن له فيها طعامه أو ما يحتاج إليه لنفقته ونفقة عياله، فإذا وقع ذلك على الجهل في أحد الطرفين أو في كليهما على مذهبه وقياس ما في المدونة فهو عقد فاسد يجب فسخه إلا أن يفوت فيصحح بالقيمة، وفواته يكون بإنفاذ السد إلى أرضه فلذلك قال: إنه يعطى صاحب الأرض قيمة ما ترك له من نصف الماء وإخراج السد في أرضه ويكون له على صاحب الرحى أجرة ما طحن له على هذا الشرط؛ لأن هذا هو وجه تصحيح عقدهما بالقيمة لفواته، فإذا باع صاحب الرحى رحاه قبل أن يفسخ الشرط واشترط على المشتري ما كان اشترط عليه صاحب الأرض أو علم بذلك المشتري ودخل عليه كان بيعا فاسدا، فإن فات بما يفوت به البيع الفاسد صحح بالقيمة وصحح ما كان انعقد بين البائع وصاحب الأرض بالقيمة أيضا على ما تقدم، وإن لم يفت رد وكان العمل بين البائع وصاحب الأرض على ما تقدم، وإن لم يعلم المشتري بذلك ولا شرط عليه حمل الشرط كان البيع جائزا وكان العمل بين صاحب الرحى وصاحب الأرض على ما تقدم، فالمسألة كلها صحيحة بينة لا إشكال فيها. وقد اختلف في المعاملة على هذا فقيل: إنها بمعنى الارتفاق ولا يكون الثمن في ذلك إلا معلوما، فإن انهدم السد كان صاحب الرحى بالخيار بين أن يعيده أو يترك إعادته فيرجع موضعه من الأرض إلى ربه وقد وجب له الثمن المسمى على كل حال يستوفي بقيته منه إن كان لم يستوفه، وهو قول ابن الماجشون، والقياس على هذا القول أن يجوز إخراج طرف سد رحاه في أرض جاره على أن يطحن له فيها كل شهر مديا أو ما يحتاج إليه على القول بأنه لا يحتاج إلى توقيت الطعام إذا عرف ناحية عياله ما كانت الرحى قائمة طاحنة من غير أن يضرب لذلك أجلا، وقيل: إنها بمعنى البيع في جميع وجوهه فيكون موضع السد من الأرض لصاحب الرحى بما سمى له من الثمن على كل حال لا يرجع إلى صاحبه على حال، وهو قول مطرف وأصبغ، فعلى هذا القول لا بد من تسمية الأجل على كل حال لا يدخل في ذلك اختلاف، وبالله التوفيق.