رواية زياد عن مالك في البكر أنها تخرج من ولاية أبيها بالحيض، فكيف بالغلام؛ وقد تأول ابن أبي زيد قوله في المدونة: فله أن يذهب حيث شاء: أن معناه بنفسه لا بماله؛ فعلى هذا تتفق الروايات كلها، ولا يخرج عنها إلا رواية زياد عن مالك، وقد تأول أن قول مالك إذا احتلم الغلام فله أن يذهب حيث شاء، معناه إذا احتلم ورضيت حاله، بدليل قول ابن القاسم إلا أن يخاف من ناحيته سفه، فله أن يمنعه؛ وإلى هذا ذهب ابن لبابة إلا أنه أخطأ في تأويله على ابن القاسم فقال: هذا هو الحق لو مات الأب وأوصى به لم يخرج من ولاية الوصية حتى يثبت رشده، فكيف بالأب؟ وهو نص ما في كتاب الحبس من المدونة قوله فيه، ألا ترى أن الله تبارك وتعالى قال:{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}[النساء: ٦] ، وبلوغ النكاح هو الاحتلام والحيض، فقد منعهم الله من أموالهم مع الأوصياء بعد البلوغ إلا بالرشد، فكيف مع الآباء الذين هم أملك بهم من الأوصياء، وإنما الأوصياء بسبب الآباء؛ فالابن بعد بلوغه مع الأب عند ابن القاسم على السفه حتى يعلم رشده، بخلاف البكر؛ لأن البكر عنده لا تجوز أفعالها وإن علم رشدها، خلاف تأويل ابن لبابة عليه من أن الابن بعد بلوغه في ولاية أبيه، وإن علم رشده حتى يطلق من الولاية على ما وقع في المدونة من اللفظ الذي احتج به، وبالله التوفيق.
[مسألة: المولى عليه إذا كان عند مبلغه الحلم معروفا بإصلاح المال]
مسألة قلت: أرأيت المولى عليه لصغره، إذا كان عند مبلغه الحلم معروفا بإصلاح المال وإدارة البيع، وحب الكسب، وهو ممن لا تجوز شهادته عند القضاة، ولعله مشهور بشرب الخمر واتباع