الصدقة، قسمها هنالك» قال: وقال مالك: حدثني يحيى بن سعيد أنه كان مع ابن زرارة باليمامة مصدقا وأن عمر بن عبد العزيز كتب إليهما في أول عام أن اقسما نصف الصدقة، ثم كتب إليهما في العام الثاني أن اقسماها كلها، فقلت لمالك أفترى ذلك؟ قال: نعم، هو الشأن أن تقسم في مواضعها التي أخذت فيهم وفي غيرهم، فقيل له: أفرأيت رجلا قدم قرية فأخذ منهم زكاتهم أترى أن يقسمها فيهم؟ قال: نعم وفي غيرهم.
قال محمد بن رشد: هذا كله بين لا إشكال فيه؛ لأن الشأن في قسم الصدقات أن تقسم في البلاد التي أخذت فيها، فإن فضل عن مساكنها فضل منها تنقل إلى أقرب البلدان إليهم، فقد تقل الصدقات في البلد ويكثر فيه المساكين، وقد تكثر فيه الصدقات ويقل فيه المساكين فيجتهد الإمام في ذلك كما فعل عمر بن عبد العزيز إذ كتب في العام الأول إلى ابن زرارة وصاحبه أن يقسما نصف الصدقة حيث قبضاها، وفي العام الثاني أن يقسماها كلها.
والصدقات كلها من العين والمواشي والحبوب في ذلك سواء، وإذا حمل الطعام من البلد الذي لا مساكين فيه أو ما فضل عن المساكين الذين هم فيه إلى البلد الذي يقسم فيه فيكرى عليه منه أو يبيعه الإمام ويشتري بثمنه طعاما مثله في البلد الذي يقسمه فيه إن رأى ذلك أرشد من الكراء عليه، فينظر في ذلك باجتهاده، وقد قيل: إن الأحسن أن يتكارى عليه من الفيء لا منه، والقولان في رسم العشور من سماع عيسى من كتاب زكاة الحبوب على ما بيناه هناك، وبالله التوفيق.