يفوتان إلا بالدخول. اختلف في ذلك قول مالك، واختلفت فيه الرواية أيضا عن عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. واختلف أيضا إذا كان إسلامه قبل إسلامها فلم يعلم بذلك حتى تزوجت. فقال ابن وهب ها هنا، ومثله في الشفعة من المدونة: إنه أحق بها ما لم يدخل بها الزوج الثاني الذي تزوجها بمنزلة إذا كان إسلامه في عدتها. وقال ابن الماجشون: إنه أحق بها أبدا، وإن دخل الزوج فيفسخ النكاح وترد إليه بعد الاستبراء، واختاره محمد بن المواز، وهو الصواب؛ لأنها نصرانية تحت مسلم، فلم تجب عليها عدة. وسواء دخل بها الأول أو لم يدخل. فالاختلاف إذا أسلم قبلها، إنما هو هل تفوت بالدخول أو لا تفوت به؟ ولا اختلاف في أنها لا تفوت بالعقد، والاختلاف إذا أسلم في عدتها إنما هو هل تفوت بالعقد أو لا تفوت به؟ ولا اختلاف في أنها تفوت بالدخول. فهذا تحصيل الاختلاف في هذه المسألة.
وقوله في آخرها في التي أسلمت قبل زوجها وهو غائب إنه إن قدم فلا سبيل له إليها بعد انقضاء عدتها نكحت أو لم تنكح، كلام فيه تقديم وتأخير وحذف. ومعناه: إن قدم بعد انقضاء عدتها فأسلم، فلا سبيل له إليها نكحت، أو لم تنكح. وبالله تعالى التوفيق.
[مسألة: التي لم تبلغ المحيض إذا زوجت وافتضت وطلقت هل يعفى عن صداقها]
مسألة قال: وسألته عن الصبية الصغيرة التي لم تبلغ المحيض، ومثلها يوطأ، زوجها أبوها رجلا فدخل بها ووطئها ثم طلقها قبل أن تبلغ المحيض، إلا أنه افتضها. هل يجوز عفو الأب عما بقي عليه من الصداق؟ قال: لا أرى عفو الأب جائزا ولا أرى عفوها هي جائزا؛ لأنه يولى عليها.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأنه إذا دخل بها الزوج وافتضها فقد وجب لها جميع صداقها بالمسيس، وليس للأب أن يضع حقا قد وجب لها، إلا في الموضع الذي أذن الله له فيه، وهو قبل المسيس. لقول الله عز