للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن تهبها على حال، ولا أن تتصدق بها؛ لأن الحالف بعتق عبيده أن يفعل كذا وكذا إلى أجل كذا وكذا، ليس له أن يبيعهم؛ لأنهم مرتهنون باليمين- قاله في المدونة وغيرها، وقد رأيت لابن دحون على هذه المسألة كلاما مختلا غير صحيح، فلم أر لذكره وجها، وبالله التوفيق.

[مسألة: حلف لرجل في ذكر حق له عليه بحرية جارية له إن لم يقضه إلى أجل سماه]

مسألة وسئل مالك عمن حلف لرجل في ذكر حق له عليه بحرية جارية له إن لم يقضه إلى أجل سماه، إلا أن تدخل عليه عرجة في بيع جاريته التي حلف بها، فيؤخر سبعة أيام، فباعها عند الأجل فطلب منه الاستبراء، فقال له مالك: أهذه العرجة التي أردت؟ قال: نعم هذه هي التي أردت إلا أن يدخل علي في بيعها دخل، قال مالك: يحلف بالله الذي لا إله إلا هو، ولا أرى عليه شيئا.

قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنه لما حلف بحرية جاريته أن يقضيه حقه إلى الأجل، إلا أن تدخل عليه عرجة في بيعها، دل ذلك على أنه إنما أراد أن يقضيه حقه من ثمنها، فلما باعها وطلب منه المشتري الاستبراء، أي المواضعة، كان المعنى في ذلك، أنه أبى أن يدفع إليه الثمن حتى تخرج من المواضعة على ما يوجبه الحكم، فأشبه أن يكون هذا هو الذي خشي الحالف، ولذلك استثنى في يمينه بما استثنى، فلذلك رأى مالك أن يصدق في ذلك مع يمينه، وقد قال غيره: إنما أجيز له هذا إذا باعها لوقت يمكن فيه استبراؤها قبل أن ينقضي الأجل فيطول ذلك بها، فهذا الذي تقبل منه نيته، فأما إن تركها إلى أخر الوقت فلم يدخل عليه دخل هو أدخله على نفسه، ولم يتكلم مالك في الرواية على هذين الوجهين، وإنما تكلم على أنه باعها عند الأجل، ولم يكن بين يمينه وبين بيعه إلا أيام

<<  <  ج: ص:  >  >>