قال محمد بن رشد: قوله حين أعطاه النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ما أعطاه يريد من غنائم حنين، وذلك أنه أعطى منها عطايا وافرة لأشراف قريش وغيرهم من المؤلفة قلوبهم، فأعطى منها لصفوان بن أمية مائة بعير، وكذلك أعطى لعيينة بن حصن والأقرع بن حابس مائة بعير، وكانوا أشرافا فأعطاهم يتألفهم ويتألف قومهم بهم، وكذلك أعطى لجماعة سواهم من المؤلفة قلوبهم مائة بعير، منهم أبو سفيان بن حرب، وابنه معاوية، والحارث بن هشام وسهيل بن عمرو.
وقول صفوان "لرب من قريش خير من رب هوازن " الذي استدل به مالك على أنه لم يكن يومئذ مسلما، قاله يوم حنين، وذلك أنه حمل المشركون على المسلمين حملة رجل واحد، فجال المسلمون جولة ثم ولوا مدبرين، فمر رجل من قريش بصفوان بن أمية، فقال: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه، فوالله لا يجبرونها أبدا، فقال له صفوان: أتبشرني بظهور الأعراب؟ فوالله لرب من قريش أحب إلي من رب من هوازن، وكان صفوان قد هرب من مكة يوم الفتح ثم رجع إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فشهد معه حنينا والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، أسلمت يوم الفتح قبل صفوان بشهر، ثم أسلم صفوان، فَقُرَّا على نكاحهما، وكان من أشراف قريش في الجاهلية، وهو أحد المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم.
والمؤلفة قلوبهم قوم من صناديد مضر كان النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يعطيهم من الزكاة أيضا يتألفهم على الإسلام ليسلم بإسلامهم من وراءهم؛ لأن الله تعالى جعل لهم فيها سهما، وقد مضى الكلام على هذا في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم من كتاب زكاة العين، وبالله التوفيق.
[سن عبد الله بن عمر]
في سن عبد الله بن عمر وحكاية
عن سعيد بن المسيب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال مالك: سنو عبد الله بن عمر سبع وثمانون سنة، قال