والأول أعذر عندي وأخف؛ لأنه ليس في قوله بكل ما يقدر عليه، قال تعالى:{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا}[البقرة: ٢٧٣] إلى قوله: {إِلْحَافًا}[البقرة: ٢٧٣] فدل على أنهم يسألون بغير إلحاف، والعائد على نفسه وعلى عياله بالحلال هو في سبيل الله، وهذه صفة عنهم، والله أعلم، مع أنه قد توجهت المدحة من الله عز وجل لهم، والذي أرى أن لا ترد شهادتهما إذا كانا عدلين، وفي هذا كفاية إن شاء الله.
قال محمد بن رشد: هذا نص قول محمد بن حارث في هذه المسألة، وإلى قوله كان يذهب من أدركنا من الشيوخ في تأويل [قول] ابن وهب فيقولون: المسألة العامة تبطل شهادة الشاهد باتفاق، والمسألة الخاصة تبطلها على أحد قولي ابن وهب، ولا يميزون بين التصريح بالسؤال وبين التعريض به والتلطف فيه مع التستر به، وما ذهبنا إليه في تأويل المسألة من أن من عرف بالتصريح بالسؤال في خاص أو عام ردت شهادته إلا أن يكون لذلك سبب يعذر به، ومن لم يصرح بالسؤال جازت شهادته، وإن أخذ الصدقات بكل ما يقدر عليه من التعريض والإلطاف مع التستر عن السؤال أولى، وبالله التوفيق.
[مسألة: شهادة لمتعرض للولاة الطالب لجوائزهم]
مسألة وسألته: عن المتعرض للولاة الطالب لجوائزهم على حال ما يلتمس قبلهم من الصلات والأعطية إذا كان عدلا أترى أن ترد شهادته بما تعرض مما في أيديهم؟ فقال: إن طالب ما في أيدي الولاة المتعرض لهم المعروف به لغير عدل عندي؛ لأن حالات