ما حقيقته، قد قيل: إنهم يجعلون فيه أنفحة الخنزير وهم نصارى؛ وما أحب أن أحرم حلالا، وأما أن يتقيه رجل في خاصة نفسه فلا أرى بذلك بأسا.
قال محمد بن رشد: كره للرجل في خاصة نفسه من أجل ما قيل له إنهم يجعلون فيه من أنفحة الخنزير، ولو لم يسمع ذلك لم يكن عليه أن يبحث عن ذلك؛ لأن الله قد أباح لنا أكل طعامهم بقوله:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥] . فأكل طعامهم جائز ما لم يوقن فيه بنجاسة، فإن خشي ذلك الرجل لشيء سمعه استحب له أن يتركه، ويبين هذا ما ذكرناه قبل هذا عن عمر بن الخطاب، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وابن عباس وابن مسعود من تورعهم في خاصة أنفسهم عن أكل الجبن مخافة أن يكون من جبن المجوس.
[مسألة: البازي يضطرب على الشيء يراه ولا يراه صاحبه فيرسله صاحبه]
مسألة قال: وسألت ابن القاسم عن البازي يكون في يد صاحبه فيضطرب على الشيء يراه ولا يراه صاحبه فيرسله صاحبه فربما أخذ صيدا وربما أخذ الحية وما أشبهها مما ليست بصيد، قال: إذا كان إنما اضطرب على غير صيد فأرسله وهو لا يرى شيئا فأخذ صيدا فقتله فلا أحب له أن يأكله، ولعله أن يضطرب على صيد ويأخذ صيدا غيره إلا أن يستيقن أن اضطرابه إنما كان على الصيد الذي أخذ، مثل أن يكون يراه غيره ولا يراه هو، والطيرة يأخذها ولا يطير حولها شيء، ومثل هذا مما يستيقن فلا بأس بأكله.