سحنون في ذلك على أصله، في أنه لا يجب الرجوع بذلك، وهو مذهب ابن الماجشون، وقول ابن القاسم أصح؛ إذ ليس بمتعد، وإنما عمل على وجه بشبهة، فلا تظلم عمله، ألا ترى أنه إذا بنى تكون له قيمة بنيانه قائما؟ وإن كان البنيان والعمل مستهلكا، لا يقدر على أخذه، ويلزم سحنون على أصله في الحرث والزبل، لا يكون له في البنيان، إلا قيمته منقوضا. وهذا ما لم يقله هو ولا غيره فيما أعلم، ولا يلزم ابن القاسم ما احتج به سحنون، من الدابة العجفاء تسمن، والصغير يكبر؛ لأن النفقة عليهما بإزاء الانتفاع بهما؛ إذ لو رجع بها، لرجع عليه بقيمة الاستخدام والركوب، وذلك ما لا يصح؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الخراج بالضمان» ، وبالله التوفيق.
[مسألة: هلك زوجها وترك مالا وولدا فعايشت ولده ثم تزوجت بعده ثم هلكت]
مسألة قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن امرأة هلك زوجها، وترك منزلا وولدا ورقيقا، فعايشت المرأة ولد الرجل من غيرها زمانا، وتزوجت بعده زوجا أو زوجين، ثم هلكت، فقام ولدها من زوجها الذي تزوجها بعد الأول، يطلب مورثها من زوجها الأول، في رباعه ورقيقه، فقال ولد زوجها الأول: قد عايشتنا أمكم زمانا طويلا، وكانت أعلم بموضوع حقها، ووجه خصومتها، وذلك منذ عشرين سنة لم تطلب قبلنا شيئا حتى ماتت.
قال: لا أرى أن يقطع سكوتها بما ذكرت من الزمان حقها، من مورث معروف لها، وولدها في القيام بطلبه على مثل حجتها، لا يقطع حقها ولا سكوتها في مورثها من زوجها الأول؛ لأن حال الورثة في هذا عندي مخالف لغيرهم، إلا أن يكونوا اقتسموا بعلمها، حتى حاز كل أحد نصيبه من الأرض، ودان بحقه من أثمان ما باعوا، وبحقه مما اقتسموا من