قال محمد بن رشد: هذه مسألة المدونة، تكررت في رسم "الصلاة" الثاني من سماع أشهب، وفي أول رسم من سماع عيسى، وفي رسم "لم يدرك منه" أكمل مما وقعت هاهنا. وتلخيص ما وقع فيها من الاختلاف أن لمالك فيها ثلاثة أقوال: أحدها أنه يركع بعد رفع الإمام رأسه ويتبعه كان ذلك في أول ركعة أو بعد أن عقد معه ركعة، والثاني أنه يلغي تلك الركعة ولا يتبع الإمام فيها كان ذلك أيضا في أول ركعة أو بعد أن عقد مع الإمام ركعة، والثالث أنه إن كان ذلك في أول ركعة ألغاها ولم يتبع الإمام فيها وإن كان ذلك بعد أن عقد معه ركعة اتبعه، واختلف قوله إلى أي حد يتبعه على القول الأول إذا عقد معه ركعة على قولين: أحدهما أنه يتبعه ما لم يرفع رأسه من سجود الركعة التي غفل عنها، والثاني أنه يتبعه ما لم يركع في الركعة التي بعدها أو ما لم يرفع رأسه من ركوعها على الاختلاف في قوله في عقد الركعة هل هو الركوع أو الرفع منه.
وسواء على مذهبه غفل أو سها أو نعس أو زوحم أو اشتغل بحل إزاره أو ربطه أو ما أشبه ذلك، وسواء أيضا على مذهبه أحرم قبل أن يركع الإمام أو بعد أن ركع إذا كان لولا ما اعتراه من الغفلة وما أشبهها لأدرك معه الركعة.
وأما لو كبر بعد أن ركع الإمام فلم يدرك أن يركع معه حتى رفع الإمام رأسه فقد فاتته الركعة ولا يجزيه أن يركع بعده ويتبعه قولا واحدا. وأخذ ابن وهب وأشهب بالقول الأول إذا أحرم قبل أن يركع الإمام، وبالقول الثاني إذا أحرم بعد أن ركع الإمام، ولم يفرقا بين الزحام وغيره.
وأخذ ابن القاسم في الزحام بالقول الثاني، وفيما سواه من الغفلة والاشتغال بالقول الثالث. وأخذ بالقول الثاني في الاشتغال، وفيما سواه من الزحام أو السهو أو الغفلة بالقول الثالث. وأخذ محمد بن عبد الحكم في الجمعة بالقول الأول، وفيما عدا الجمعة بالقول الثالث، وبالله التوفيق.
[مسألة: الإمام يدخل المسجد عند الإقامة ولم يصلى ركعتي الفجر]
مسألة وسئل مالك عن إمام مسجد في عشيرته أتى إلى المسجد فلما دخل المسجد أقام المؤذن الصلاة ولم يكن ركع ركعتي