ولا يكون لإخوته أن يحاسبوه، إذا قال: لا تحاسبوا ابني.
قلت: فما ترى هذه وصية لوارث لا تجوز؟ قال: ليست هذه وصية، وجل الناس ينفقون على أولادهم، وهذا شيء فعله في الصحة فليس بوصية.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها محصلا مستوفى في أول سماع ابن القاسم، فلا معنى لإعادته مرة أخرى، وبالله التوفيق.
[مسألة: النصرانية تسلم وزوجها نصراني هل عليه نفقة]
مسألة وسئل عن النصرانية تسلم، وزوجها نصراني، هل عليه نفقة وهو له عليها الرجعة إن أسلم وهي في العدة؟ قال ابن القاسم: ليس لها عليه نفقة؛ لأن الفسخ جاء من قبلها، ومنعته فرجها، وليس هو بمنزلة من طلق، وله عليها الرجعة؛ لأن أمرها فسخ بغير طلاق، فالفسخ لا يلزمه فيه نفقة، وتلك السنة، إلا أن تكون حاملا، فينفق عليها؛ لأن الولد يتبعه؛ لأنه ولده، وتلزمه نفقته، وكذلك هو في بطنها.
قال محمد بن رشد: في سماع أصبغ بعد هذا: إن عليه النفقة من أجل أن له الرجعة بالإسلام، ورواية عيسى أظهر عند أهل النظر؛ لأنه فسخ والفسوخ لا نفقة فيها، ولأن الفراق والمنع جاء من قبلها بإسلامها والنفقة لا تخلو من أن تكون واجبة بحق الاستمتاع أو بحق العصمة، فإن كانت واجبة بحق الاستمتاع، وجب أن تسقط إذ قد منعت الاستمتاع بإسلامها، وإن كانت واجبة بحق العصمة، وجب أن تسقط أيضا؛ إذ قد انفسخ النكاح وارتفعت العصمة، وكونه أحق بها إن أسلم في عدتها أمر متبع، لا يحمله القياس. ووجه رواية أصبغ، أنها لما كانت مأمورة بالإسلام، لم تكن متعدية في الإسلام، ولا مانعة لفرجها، بل هو المانع منه نفسه، بترك فعل ما يلزمه فعله من الإسلام، والله الموفق.