قال محمد بن رشد: إنما يضمن المودع الوديعة إذا ادعى أن ربها أمره أن يبعث بها إليه بعد يمينه أنه إنما أمره أن يبعث بها إليه ولقد تعدى عليه في البعث بها إليه بغير أمره فيحق عليه التعدي بيمينه، وهو معنى قوله في الرواية: المستودع ضامن؛ لأنه متعدٍ، فإنما قال فيه: إنه متعدٍ؛ لأن العداء قد ثبت عليه بيمين رب الوديعة.
وقوله: ولكن لو قال: سقطت مني أو دفعتها إليك أو سرقت مني فذهب بها، لم يكن عليه شيء، معناه: لم يكن عليه غرم؛ لأن اليمين عليه في دعوى الرد باتفاق، وفي دعوى التلف على اختلاف إن لم يحقق عليه الدعوى، قيل: إنه يحلف، فإن نكل عن اليمين غرم، قيل: بعد يمين رب الوديعة، وقيل: إن اليمين لا يرجع عليه، وقيل: إنه لا يمين عليه على اختلافهم في لحوق يمين التهمة وفي ردها، وقيل: إن كان من أهل التهم أحلف وإلا لم يحلف، وهو المشهور في المذهب، وأما إن حقق عليه الدعوى فلا اختلاف في وجوب اليمين عليه، وفي أن له أن يردها، وبالله التوفيق.
[مسألة: استودع وديعة وهو في المسجد أو في مجلس فجعلها على نعليه فذهبت]
مسألة قال: وسألته عن رجل استودع وديعة وهو في المسجد أو في مجلس فجعلها على نعليه فذهبت، أعليه ضمان؟ فقال: ما أرى عليه ضمانا، قلت: ولا تراه متعديا؛ لأنه إنما أعطاه إياها يحوزها، فليس هذا حوزا؟ قال لي: فإنه الآن يقول: لم يكن معي خيط أربطه به، قلت: يربطها في طرف ردائه، قال: فإنه يقول: ليس علي رداء علي برنس، قلت: فإن كان عليه رداء؟ قال: ما أرى عليه شيئا بحال.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا دفع إليه الوديعة وهو في مسجد أو في مجلس فجعلها على نعليه، يريد: بين يديه حيث ينظر إليها،