فهذا أولى ما قيل في ذلك، وقد فرق بين الموضعين بأن السجود فعل يظهر مخالفة الإمام فيه، والتكبير قول لا يظهر مخالفة الإمام فيه، وبأن الاختلاف في سجود السهو، ليس في نفسه كالتكبيرة الخامسة في الجنازة، وإنما هو في موضع إيقاعه، وقال أشهب، وابن الماجشون - عن مالك، إنه لا يقطع ويسكت، فإذا كبر الإمام الخامسة سلم بسلامه، وهذا على اختلافهم في المسافر يصلي بالمسافرين، فيتم الصلاة، فقيل إنهم يسلمون لأنفسهم وينصرفون، وقيل إنهم يقدمون منهم من يسلم بهم، وقيل إنهم ينتظرون الإمام حتى يسلم فيسلموا بسلامه، وسيأتي في آخر نوازل أصبغ الاختلاف في: هل يكبر معه الخامسة من فاتته بعض تكبيرة، وبالله التوفيق.
[مسألة: الجنازة إذا وضعت لتدفن أينتظر الناس فراغها أم ينصرفون]
ومن كتاب أوله حلف بطلاق امرأته مسألة وسئل مالك عن الجنازة إذا وضعت لتدفن، أينتظر الناس فراغها؟ أم ينصرفون؟ قال إن الناس ليفعلون ذلك اليوم، وما كان من أمر الناس في القديم؛ وقيل له أترى ذلك واسعا لمن أقام أو انصرف؟ فقال نعم، أرى ذلك واسعا.
قال محمد بن رشد: وهذا واسع كما قال؛ لأن الدفن عبادة مبتدأة منفصلة عن الصلاة، مختصة بما لها من الأجر، قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من شهد الجنازة حتى يصلي، فله قيراط، ومن شهد حتى تدفن، كان له قيراطان» . فقوله «ومن شهد حتى تدفن فله قيراطان» ، يدل على أن ذلك ترغيب؛ وقال زيد بن ثابت: إذا صليت، فقد قضيت الذي عليك؛ وقال حميد ما علمنا على الجنازة إذنا، ولكن من صلى ثم رجع، فله قيراط؟ فلا يلزم