السنين ما يمكن أن تعيش سبعين سنة مثل أن تكون بنت عشر سنين، أو بنت عشرين، فإنه يعجل عتقها، إذ لا يجوز أن تباع- ولعل العتق سيدركها، ولا أن تحبس سبعين سنة، لما في ذلك من الضرر عليها بقصد السيد إلى ذلك في ظاهر أمره، فهذا معنى ما ذهب إليه مالك - والله أعلم؛ لأنه صرف الأمر في ذلك إلى السلطان ليعمل فيه بهواه من غير نظر، وأما ابن الماجشون فرأى الحد في ذلك ما يعمر إليه المفقود على الاختلاف في ذلك من ثمانين إلى مائة في المشهور في المذهب، فمن كان سنها منهن ينتهي إلى حد التعمير وقفت، ومن كان سنها منهن لا ينتهي إلى حد التعمير ويقصر عنه بيعت، وهو القياس، إلا أنه إغراق، فالعدول عنه إلى ما قاله مالك على سبيل الاستحسان أحسن، وقد بينا وجهه، وبالله التوفيق.
[مسألة: المملوك إذا عمي]
مسألة وسئل مالك: عن المملوك إذا عمي أترى أن يعتق؟ قال: وكان الذي سأله سمع في ذلك شيئا، فأنكر ذلك وقال: ما علمت أنه يعتق.
قال محمد بن رشد: السؤال عن هذا مثل ما في كتاب الزكاة الثاني من المدونة من السؤال على أهل البلاء من العبيد، هل يعتقون على ساداتهم لما أصابهم من البلاء نحو الجذام والعمى؟ فقال: إنهم لا يعتقون، والذي ذهب إليه من رأى أنهم يعتقون على ساداتهم، هو ذهاب الانتفاع بهم لما حل بهم من هذه البلايا شبيها بما قيل فيمن وطئ أمة له من ذوات محارمه اللائي لا يعتقن عليه فحملت منه، أنها تعتق عليه من أجل أنه لا منفعة فيها، إذ ليس له أن يستخدمها ولا يطأها- وهي لا تشبهها، وبالله التوفيق.