مسألة وسألته عن امرأة توفيت وأوصت لزوجها وهو غائب بثلث مالها، وتركت ولدا منه أو من غيره، فقيل لها: إنه لا وصية لوارث، فقالت: إنه قد كان كتب إلي بالطلاق، فسترت ذلك، وقدم الزوج فصدقها، وقال الورثة: إنما بالزوج الوصية، وقال بنوها من غيره: إنها أرادت أن تحرمنا فضل ما بين الثلث والربع، قال: لا يقبل قولها، ولا إقراره بالطلاق، لموضع التهمة في ذلك، وينظر إلى وصيتها في ذلك، فإن كانت أقل ميراثه منها، دفع إليه ذلك، ولم يكن له أكثر من تتمة ميراثه منها، لما أقر به من فراقها، وإن كان الذي أوصت له كفاف ميراثه منها دفع له؛ لأنها لا تتهم فيه، ولا يتهم في ذلك، وإن كان أكثر من ميراثه، اتهم واتهمت، ولم يكن له إلا قدر ميراثه منها. قال ابن القاسم: وفرق بين التي قالت: قد كنت وضعت عن زوجي الصداق، وبين التي قالت: أعطوا لزوجي كذا وكذا، إن الوصية إنما أرادت أن يكون ذلك في الثلث، والتي أقرت لم ترد ثلثا فلذلك أخرج هذا من الثلث، ولم ينتفع الزوج بإقرارها إلا ببينة تقوم له على الوضيعة. وقال لي ابن القاسم: وليس لأهل الوصايا في التي أقرت أنها قد وضعت في صحة منها فيها وصية إن قصرت وصاياهم في ثلث ما بقي لا عتق ولا غيره.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة المعنى، وقد مضى قبل هذا الاختلاف في إقرار المرأة في مرضها الذي توفيت فيه أنها كانت وضعت عن زوجها الصداق في صحتها، فلا معنى لإعادة ذلك. وقوله: إن قصرت وصاياهم في ثلث ما بقي، معناه إن ضاقت وصاياهم عن ثلث ما بقي فلا يكون شيء من ذلك في ثلث ما أقرت به، لا عتق ولا غيره، وهو صحيح متكرر في المدونة وغيرها، وبالله التوفيق.