للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث على أن طلب العلم أفضل من الجهاد، ومعناه في الموضع الذي يكون فيه الجهاد فرضا على الكفاية إذا كان قد قيم به لأنه حينئذ يكون له قافلة، وأما القيام بفرض الجهاد [والجهاد] في الموضع الذي يتعين فيه الجهاد على الأعيان فلا شك أنه أفضل من طلب العلم، والله أعلم.

وظاهر الحديث أن طلب العلم أفضل من الصلاة. وما روي عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أنه «سئل عن أفضل الأعمال فقال: " الصلاة لأول ميقاتها» - معناه في الفرائض، وأما النوافل فطلب العلم أفضل منها على ظاهر الحديث المذكور، والله تعالى أعلم.

وقد سئل مالك: عن القوم يتذاكرون الفقه، القعود في ذلك أحب إليك أم الصلاة؟ فقال: بل الصلاة، وروي عنه أن العناية بالعلم أفضل، وليس ذلك عندي اختلافا من قوله، ومعناه: أن طلب العلم أفضل من الصلاة لمن ترجى إمامته، والصلاة أفضل من طلب العلم لمن لا ترجى إمامته إذا كان عنده منه ما يلزمه في خاصة نفسه من صفة وضوئه وصلاته وزكاته إن كان ممن تجب عليه الزكاة، وقال سحنون: يلزم أثقلهما عليه.

[تفسير إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا]

في تفسير {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩]

وسئل مالك: عن تفسير: {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: ٢٩] ، قال: مخرجا؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: ٢] .

قال محمد بن رشد: فسر مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إحدى الآيتين بالأخرى، فقال: معنى فرقانا في الآية الواحدة معنى مخرجا في الآية الثانية، وقد قيل:

<<  <  ج: ص:  >  >>