قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأنه إذا بتله لعبد الله، فقد نقض وصيته فيه لعبد الرحمن؛ لأن الهبة رجوع في الوصية. وأما إذا ابتله له بعد الموت فهي وصية له أيضا، يشتركان فيها. قال: وهو مثل ما تقدم له قبل هذا في هذا السماع وغيره ومثل ما في المدونة وغيرها.
وقد مضى في رسم الصلاة من سماع يحيى توجيه قول ابن القاسم في هذا وذكر الاختلاف فيه. وبالله التوفيق.
[مسألة: قال عرصتي لعبد الرحمن في مرضه ثم بناها في مرضه]
مسألة قلت: فإن قال: عرصتي لعبد الرحمن في مرضه، ثم بناها في مرضه، أترى ذلك انتزاعا؟ قال: لا ولكنه يحاص بقيمة العرصة مع أهل الميراث، ويضرب أهل الميراث بقيمة البناء. وسئل عنها سحنون: فقال: أرى هذا نقضا لوصيته؛ لأنه قد أحال العرصة عند حالها فقد نقض وصيته.
قيل له: فلو أوصى لرجل بداره في مرضه، ثم هدمها هل ترى ذلك نقضا لوصيته؟ قال: الذي أقول أنا به: فأرى له قاعة الدار؛ لأن القاعة لم تزل على حالها، وأما غير البنيان وإزالته عن حاله فقد نقض وصيته في البنيان.
قلت له: فإن قال: ثوبي لعبد الرحمن، ثم قطعه قميصا فلبسه في مرضه قال: هو لعبد الرحمن، وليس بتقطيعه إياه، ولا لبسه انتزاعا. قال: وإن قال: شقتي لعبد الرحمن، ثم قطعها قميصا في مرضه وسراويلات رأيت ذلك انتزاعا لأنه إذا أوصى ثم حوله عن اسمه حتى يسمي اسما آخر رأيت ذلك انتزاعا؛ لأنه إذا قال: شقتي ثم قطعها قميصا فقد صار اسمها خرقة ولأنه إذا قال: