رواية عيسى بن دينار قال: يرمي الأولى بحصاة، ثم الأخريين بسبع سبع، قال ابن القاسم: هو أحب قوله إلي.
قال محمد بن رشد: وجه هذا القول الذي اختاره ابن القاسم البناء على اليقين قياسا على الصلاة؛ لأنه إذا شك في حصاة لا يدري من أي جمرة هي، فقد أيقن أنه رمى الجمرة الأولى بست حصيات، وشك في السابعة، فيرميها لتخلص له سبع حصيات يقينا، ثم يعيد الجمرتين للرتبة، ووجه القول الأول أنه إن بنى في الجمرة الأولى على اليقين، ولم تكن الحصاة التي بنى منها، كان قد رماها بثمان حصيات، والسنة أن يرمي بسبع، ولا يقاس ذلك على الصلاة في البناء على اليقين؛ لأن فيها سجود السهو، وذلك يشفع له الركعة التي أتى بها إن كانت زائدة كما جاء في الحديث، فهذا القول أظهر، والله الموفق.
[مسألة: الرجل من الشام أو مصر يقلد ويشعر بذي الحليفة ويؤخر إحرامه]
ومن كتاب أوله حلف بطلاق امرأته ليرفعن أمرا مسألة وسئل مالك عن الرجل من أهل الشام، أو من أهل مصر يقلد ويشعر بذي الحليفة، ويؤخر إحرامه حتى يأتي الجحفة، قال: لا يفعل ذلك، وكرهه.
قال محمد بن رشد: هذا نص ما في كتاب الحج الثاني من المدونة، والأمر في ذلك واسع، وقد روى داوود بن سعيد، عن مالك أنه لا بأس بذلك، وإن كان أحب إليه أن يقلد ويشعر عندما يحرم، فالاختيار عند مالك لمن أراد أن يحرم ألا يقلد ويشعر عند إحرامه، وأما من لم يرد أن يحرم، وبعث بهدي، فليس عليه أن يحرم عندما يقلد الهدي ويشعر، خلافا لما روي عن ابن عباس من أنه قال: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، وقد «قالت عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ليس كما قال ابن عباس: أنا فتلت قلائد هدي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -