بما كان يجود به، فلا تبقى حسناته على المرتبة التي كانت عليه من الكثرة، وبالله التوفيق.
[الخمر يكون من التمر]
في أن الخمر يكون من التمر وحدثني عن ابن القاسم عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه عن جده عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أن الله حين أنزل تحريم الخمر لم يكن بالمدينة خمر إلا خمر التمر» .
قال محمد بن رشد: في هذا نص على أن الخمر تكون من التمر خلاف ما ذهب إليه بعض أهل العراق من أن الخمر المحرمة لا تكون إلا من عصير العنب، وما سواه من الأنبذة والأشربة النيئة والمطبوخة ليس بخمر، فما دون السكر منها حلال، على ما روي عن ابن عباس أنه قال: حرمت الخمر بعينها والسكر من غيرها. ومنهم من ذهب إلى أن الخمر المحرمة العين إنما هي خمر العنب والتمر خاصة، على ما روي النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال:«الخمر من الكرمة والنخلة» . ومنهم من ذهب إلى أن الخمر المحرمة العين إنما هي الخمر التي من عصير العنب، وأن نقيع التمر والزبيب المخمر من غير طبخ بمنزلة الخمر في تحريم العين بخلاف سائر الأنبذة والأشربة، للحديث المذكور. وقولهم خطأ صراح ترده السنة الثابتة عن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قوله:«كل شراب أسكر فهو حرام» وقوله: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» . والقياس الصحيح أنه لا فرق فيه بين