قال محمد بن رشد: تحصيل القول في هذه المسألة أن الحالف لا يخلو أن يريد بيمينه لا يضع عنه ألا يرفقه أو أن يريد بها ألا يضع عنه خاصة لا أن ينظره، أو ألا يكون له نية، فأما إذا نوى بيمينه ألا يضع عنه ألا يرفقه فهو حانث إن أنظره؛ لأنه إذا أنظره فقد أرفقه، وأما إذا نوى ألا يضع عنه خاصة لا ألا ينظره فلا حنث عليه إن أنظره.
واختلف إن كانت يمينه بما يقضي به عليه من الطلاق أو العتاق فطولب بذلك هل يصدق فيما ادعى أنه نواه بيمين أو بغير يمين؟ فقال مالك في هذه الرواية: إنه يستحلف، وقيل: إنه يصدق بغير يمين، وهو الذي أفتي به الحالف على ما ذكر في الرواية، وأما إذا لم تكن نية فظاهر الرواية أنه لا حنث عليه على مقتضى اللفظ إن أنظره، ويستظهر عليه باليمين أنه إن لم تكن له نية إن كان مطلوبا؛ لأنه يتهم أن يكون نوى ألا يرفقه على القول في لحوق يمين التهمة، وقيل: إنه حانث على المعنى؛ لأن مقصد الحالف ألا يضع ألا يرفق، وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه، وأما إذا حلف ألا ينظره فوضع عنه فلا حنث عليه قولا واحدا؛ لأن النظرة يخشى منها هلاك جملة الحق بمغيبه أو فلسه، فوجب ألا يحنث حملت يمينه على المعنى أو على مقتضى اللفظ، وبالله التوفيق.
[مسألة: قال لامرأته إذا قدمنا إلى المدينة فدخلنا الدار فأنت طالق]
مسألة وسئل مالك: عن رجل قال لامرأته بمكة وهما يريدان المدينة: إذا قدمنا إلى المدينة فدخلنا الدار فأنت طالق إن خرجت منها سنة، فقدمت فدخلت دارا أو دارين قبل أن تدخل منزل زوجها وخرجت منه إلى دارها، أترى عليه حنثا؟