الفسطاط، ويكون ذلك أرفق بهم، فيدخل الرجل المدينة، فيدعو رجلا منهم يأمنه فيبيعه إياها، ثم يدخل المشتري لها قليلا قليلًا فيبيعها هو، قال: إني أخاف أن يكون من التلقي، وعندنا رجال يفعلونه ببلدنا؛ قلت له: أفتكرهه؟ قال: نعم، أكره أن يعمل به، وأراه من تلقي السلع.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إن ذلك من تلقي السلع؛ لأن المعنى في النهي عن تلقي السلع عند مالك، إنما أريد به نفع أهل الحاضرة، كما أريد بالنهي عن أن يبيع حاضر لباد نفع أهل الحاضرة بأن يكون البادي والجالب هو المتولي البيع في السوق على ما هو عليه من الجهل بالسوق، فيشتري أهل الحاضرة منه في السوق بما يرضى به من قليل الثمن وكثيره، فإذا باع الغنم الجالب لها من رجل من أهل الحاضرة قبل أن يصل إلى السوق، فكان هو الذي يقوم بها ويبيعها على معرفة، فقد قطع عن أهل الحاضرة الحق الذي جعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لهم في ذلك، والله الموفق.
[مسألة: العبد يشكو العزبة فيسأل سيده أن يبيعه لذلك]
مسألة وسئل عن العبد يشكو العزبة، فيسأل سيده أن يبيعه لذلك، ويقول: قد وجدت موضعا، قال: ليس ذلك على سيده، ولو جاز ذلك لقال ذلك الخدم.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال أنه ليس على الرجل واجبا أن يبيع عبده ممن يزوجه إذا سأله ذلك وشكا العزبة، وإنما يرغب في ذلك، ويندب إليه، وليس امتناعه منه من الضرر الذي يجب به بيعه عليه، كما ليس عليه أن يزوجه واجبا إذا سأله ذلك؛ لأن قول الله تعالى: