وإن قبض ما لم يفيت بعد القبض، وهو ظاهر ما في السلم الأول من المدونة؛ ولو بيع قبل أن يفرك، يفسخ البيع فيه على كل حال وإن قبض وفات، فإذا لم يختلف في أن بيعه لا يجوز قبل أن يفرك والشافعي لا يجيز بيعه وإن يبس حتى يحصد ويصفى، ويرى ذلك من الغرر، وقد مضت هذه المسألة متكررة في هذا السماع من كتاب زكاة الحبوب والثمار.
وقوله في الفول والحمص إنه لا يجوز شراؤه أخضر على أن يتركه البائع حتى ييبس، هو مثل ما في المدونة، وقد أجازوا شراء العنب والتمر إذا طاب على أن يتركه مشتريه حتى ييبس، وحكى الفضل أن ذلك اختلاف في القول يدخل في المسألتين، وبالله التوفيق.
[مسألة: يشتري الثوبين من الرجلين ثوب أحدهما بعشرة والآخر بخمسة]
مسألة قال: وسئل: عن الرجل يشتري الثوبين من الرجلين ثوب أحدهما بعشرة، والآخر بخمسة، على أنه فيهما بالخيار، فردهما وقد خلطهما فتداعيا في الأجود؛ فقال: إن نص لكل رجل ثوبه، حلف وبرئ إليه منه؛ وإن قال لا أدري أيهما لهذا ولا أيهما لهذا؛ غير أن هذا لأحدهما، إنما أخذت ثوبه بعشرة، وثوب هذا الآخر بخمسة نصهما نصا، ولست أدري أي الثوبين ثوب هذا من هذا؛ فإنه يقال له قد ضمنتهما جميعا بخمسة عشر دينارا، فإن شئت فادفعه إلا أحدهما أيهما شئت: الثوب الرفيع، وأعط الآخر ثمن الثوب الذي أقررت لله به؛ فإن أعطى الثوب الرفيع الذي كان يزعم أنه أخذ منه ثوبه بعشرة، دفع إلى الآخر خمسة دنانير وبرئ؛ وإن أعطى الثوب الرفيع الذي أخذ ثوبه بخمسة احتياطا على نفسه، وخوفا من أن يكون ثوبه غرم لصاحب الثوب