منه من يوم الطلاق، إلى يوم علمت بطلاقه؛ لأنه ألبس على نفسه، أي فرط، إذ لم يعلمها بطلاقه إياها، وفعلت هي ما كان يجوز لها من الإنفاق على نفسها من ماله، وما كان يحكم لها به عليه لو سألت ذلك، ولو أنفقت من مالها أو تسلفت لرجعت عليه بذلك عند مالك. قاله في سماع أشهب بعد هذا.
وقال ابن نافع: لا يرجع بشيء من ذلك، وأما الذي يموت وهو غائب، فتغرم الزوجة ما أنفقت من ماله بعد موته؛ لأنه لم يكن منه تفريط. هذا قوله في كتاب طلاق السنة من المدونة.
ويجب على هذا التعليل أن تغرم ما أنفقت من ماله بعد أن طلق إلى أن يمضي من المدونة ما يمكن أن يصل العلم إليها بذلك دون تفريط، وهو مقدار المسافة إلى ذلك الموضع، إلا أنهم لم يقولوا ذلك، فوجه سقوط ذلك عنها هو أنه أذن لها في الإنفاق من ماله، فلا رجوع له عليها فيما أذن لها فيه، والله أعلم.
[مسألة: عبد أعجمي عاتبه سيده في جارية زوجها إياه، فقال قد فارقتها]
مسألة وقال مالك في عبد أعجمي عاتبه سيده في جارية زوجها إياه، فقال: قد فارقتها قال: يسأل العبد، فإن عرف ما أراد من الطلاق فذلك له، وإلا فهي ألبتة، إذا كان لا يدري من أجل العجمية. قال ابن القاسم: كأني رأيت محمل قوله في ذلك إذا لم يعرف الطلاق، أنه أراد أن يبرأ منها فلذلك ألزمه ألبتة.
قال محمد بن رشد: الفراق من كنايات الطلاق، وقد قيل فيه: إنه من صريحه لقول الله عز وجل: {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢] فلا يعذر الأعجمي بجهله أن ذلك طلاق، ويحمل إذا جهل ذلك على أنه أراد أن يبرأ منها، فتلزمه ألبتة، على ما ظهر لابن القاسم من نحو قول مالك ونحوه لأصبغ في نوازله من كتاب الأيمان بالطلاق، ويكون إذا جهل ذلك بمنزلة غير