قال مالك: فأيهما مات قبل؟ فقيل: المعطي. فقال: ما أراه إلا راجعا إلى المعطي؛ لأنه كأنه أعطاه ذلك حياته.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن أول قوله مرتبط بآخره، فليست بصدقة مبتلة، بما شرط عليه فيه، من أنه إن مات قبله فهي عليه رد؛ لأن ذلك يقتضي ألا يكون له فيها تفويت ببيع ولا بغيره، ما دام المتصدق حيا حتى يموت، فآل أمرها إلى أنه أوصى له بها بعد موته، وعجل له الانتفاع بها طول حياته، فوجب إن مات المتصدق عليه، فله أن يرجع إليه كما شرط، وإن مات المتصدق قبله بثلث له من ثلثه، على معنى الوصية إن كان غير وارث كذلك، قال ابن نافع فيها: إنه إن مات المعطى قبل نظر، فإن كان الأخ وارثا لم يجز له ما صنع، وكان مردودا، يريد: إلا أن يجيز ذلك الورثة، وإن كان الأخ غير وارث جاز ذلك في الثلث. وبالله التوفيق.
[: تصدق بدار له أو حائط على ولده وولد ولده صدقة]
ومن كتاب الأقضية الثالث وسئل: عن رجل تصدق بدار له أو حائط على ولده وولد ولده صدقة بتلا لا مثوبة فيها ولعقبهم فمات ولده كلهم، ولم يتركوا إلا بنتا لبعض ولده الذكور، فأرادت أن تبيع، فقال: ماذا لها؟ فقيل له: إنه لم يجعل حبسا، إنما قال: صدقة بتلا لا مثوبة فيها، فقال: هذه أراها لهم يبيعونها في دينهم، فقيل له: إنه جعلها لهم ولأعقابهم، قال: ليس لهم أن يبيعوها، فقيل له: فقد ماتوا كلهم، حتى لم يبق منهم إلا امرأة واحدة، فأرادت أن تبيع، ولم يجعل ذلك حبسا، أترى لها ذلك؟ قال: نعم، في رأيي أرى ذلك لها. هذا إنما جعلها لهم، ولم يحبسها فالبنت تبيع؛ لأن ولدها