قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن ما جرت العادة أن أرباب الأموال يسامحون القدمة فيه ولا ينكرونه عليهم إذا هم فعلوه، محتمل ألا يكون الحالف أراده، إذ ليست بخيانة محضة، فنواه في ذلك مع يمينه، وذلك صحيح على الأصول، ومن هذا المعنى في كتاب ابن المواز: وعن أجير زرع حلف لا خان، فدرى أندرا، ثم عمد إلى التبن فأعاده فخرج له منه شيء فأخذه، فإن كان ذلك التبن تركه ولا يريد معاودته فلا شيء عليه، وهو مثل السنبل يلقط خلف الحصاد.
قال أبو محمد: وذلك إذا علم بذلك رب الزرع، يريد أبو محمد: إذا علم أن تبن الزرع إذا دري يعيد دروه من شاء لا يمتنع منه فيستوي في ذلك الأجير وغيره، فلا يكون حانثا، والله أعلم.
[مسألة: قال لامرأته إن تزوجت ما عشت فكل امرأة أتزوجها طالق البتة]
مسألة وسئل مالك: عن رجل قال لامرأته: إن تزوجت ما عشت فكل امرأة أتزوجها طالق البتة، فطلق امرأته وأراد أن يتزوج.
قال مالك: أرى أن يدين، فإن كان إنما أراد وهي عندي على وجه ما يرضي به امرأته فأرى أن يحلف ويتزوج، وإن كان إنما أراد ما عاشت ولم ينو في ذلك ما كانت عندي فأرى ذلك يلزمه.
قال محمد بن رشد: قوله: وإن كان إنما أراد ما عاشت ولم ينو في ذلك ما كانت عندي معناه ونواه مع يمينه وإن كانت نيته مخالفة لظاهر لفظه، لكون النية في ذلك محتملة لكونها زوجة، أو لو لم تكن زوجة له، فقال: إن تزوجت ما عاشت فلانة فكل امرأة أتزوجها فهي طالق، ثم أراد