[مسألة: بعث رجلا إلى المعدن ينفق عليه ويعمل له وما أصاب له ثلثه]
مسألة وسمعت أصبغ، وسئل عن رجل بعث رجلا إلى المعدن ينفق عليه، ويعمل له، فما أصاب كان له منه ثلثه أو نصفه، أو جزء مما يتراضيان عليه، وإن لم يصب شيئا ذهبت نفقته باطلا. قال أصبغ: لا يصلح ذلك، وذلك فاسد لا شك فيه، وهو من الغرر، وهو منقوض ما لم يفت بالعمل والخروج، فإن فات فهو مثل ما كانوا يتعاملون به في معدن الزبرجد قديما، مما قد عرفتم، وعرف الناس عندكم كيف كانوا يبعثون، ويخرجون عليه على مثل هذا.
ونزل عندنا في أيامه كثيرا، ونحن حينئذ نتبع أصحابنا ومشايخنا الفقهاء في زمان ابن القاسم وأشهب، وابن وهب كانوا يسألون عنه ويتكلمون فيه مما ينزل، ويختلفون ويختلف فيها القول من الناس، فكان الذي استقر عليه قولنا كقول أكثرهم وأكابرهم أنها أجرة، وهي أجرة فاسدة، يكون المكتسب فيها، والنيل إن فات وعمل، ووجد للباعث الذي عليه النفقة، كمن استأجر أجيرا على أن ما اكتسب في عمله فهو له، فالإصابة له والحرمان عليه، وليس للأجير إلا إجارة مثله في شخوصه، وفي عمله، وإقامته وكثرته. فإن وفرت عليه إجارة مثله على أن مئونته على نفسه حوسب بما أكل وشرب وأنفق. وإن شاءوا قوموا الإجارة على أن طعامه وشرابه على المستأجر، فكان له في القضاء أقل من القيمة الأولى، ودخل هذا في هذا المعنى، فعلى أي الوجهين قومت به، فهو سواء، وهو صواب، وله إجارة مثله على كل حال أصاب أو لم يصب؛ لأنه لو أصاب الكثير كان للأول الباعث، وكذلك إذا لم