على ذلك قول الله عز وجل:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ}[المائدة: ٥] . وأما إن قال للمؤمن يا كافر وهو يظنه كافرا ولا يعلم أنه مؤمن فليس بكافر وإنما هو غلط. والثاني أن يكون معناه النهي عن أن يكفر الرجل صاحبه باعتقاد ما لا يتحقق أنه باعتقاده كافر؛ لأنه إن لم يكن باعتقاده ذلك كافرا كان القائل له ذلك قد باء بإثم ما رماه به من الكفر. والثالث أن يكون معناه النهي عن أن يظن الرجل بأخيه المسلم أنه يعتقد الكفر ويظهر الإسلام فيقول له يا كافر؛ لأنه إن لم يكن كذلك باء بإثم تكفيره. وقول مالك أرى ذلك في الحرورية يحتمل أن يريد بذلك أن الحرورية التي تكفر المسلمين بالذنوب [من القول] تبوء بذلك إما بالكفر على التأويل الأول إن كانت تعتقد أن الإيمان الذي عليه المسلمون كفر؛ وإما بالإثم على التأويل الثاني إن كانت لا تعتقد إيمان المسلمين كفرا، وهذا هو الأظهر؛ ويحتمل أن يريد أن من يكفر الحرورية من المسلمين يبوء بإثم ذلك إن لم يكونوا كفارا بما يعتقدونه. وقد قال مالك في هذه الرواية لما قيل له أتراهم بذلك كفارا؟ قال لا أدري ما هذا. وبالله التوفيق.
[الثناء لا يكون عاملا إلا بعد المخالطة في السفر والمال]
في أن الثناء لا يكون عاملا إلا بعد المخالطة في السفر والمال قال مالك: كان يقال في الزمان الأول إذا أثنى الرجل على الرجل: أصحبته في سفر؟ أشاركته في مال؟ قال فإن قال لا قيل له فلا تثن عليه.