يكون كذلك لظهور سفه لم يصدق في ذلك، ووجب عليه الحد، وهو مذهب مطرف وابن الماجشون وأصبغ فيما حكى ابن حبيب عنهم من أنه إذا قال عربي لعربي مثله أو فوقه أو لقرشي: أنا خير منك، فلا حد عليه، وكذلك إذا قاله مولى لمولى، وإذا قاله مولى لعربي حد للنفي، كأنه قال: لست من العرب حيث فضل عليه المولى، إلا أن يقول: إنما أردت أني خير منك عند الله، فيحلف بالله ما أراد إلا ذلك، ثم لا حد عليه إن كان قائل ذلك مثله يشبه أن يكون كذلك، وإن كان سفيها مثله لا يشبه أن يكون كما قال، لم يقبل قوله، وحمل عليه أنه أراد تنحيته عن نسبه، قالا: ولو قاله ابنا عم من العرب أو من قريش أحدهما لصاحبه كان فيه الحد؛ لأنه لا مذهب له هاهنا إلا النفي إلا أن يقول: أردت أني خير منه دينا ومثله يشبه أن يكون كذلك فيحلف وينجو من الحد، فقول مطرف وابن الماجشون وأصبغ مثل قول ابن أبي حازم في قوله: أنا أكرم منك نسبا، وخلاف له في قوله: أنا أكرم منك حسبا، وقوله في الرواية: والعفو في ذلك أفضل معناه ودرأته الحد في ذلك أولى وأحسن إذ ليس العفو على الحد إلى الإمام، وإنما ذلك لصاحب المقذوف، ولو قال الرجل لصاحبه في مشاتمة: ما لك أصل ولا فصل لم يجب عليه الحد على مذهب مالك، خلاف قول أصبغ وخلاف ما حكى ابن حبيب عن ابن الماجشون من أنه إن قاله لعربي حد، إلا أن يعذر بجهالة، فيحلف ما أراد قطع نسبه ويؤدب، وإن نكل عن اليمين حد، وإن قاله لمولى فلا حد عليه.
[: رجل من العرب ورجل من قريش فادعى كلاهما أنه أفضل من الآخر]
ومن كتاب صلى نهارا
وسئل عن رجل من العرب ورجل من قريش كانا في دعوة في قسمهم وهم حلفاء، فذهب العربي يتقدم القريشي وكلاهما قد صحب أبوه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال القريشي للعربي: لا تتقدمني أنا خير منك وأقرب برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -