كان مقيماً بها من غير أهلها بقصر الصلاة بمنى وعرفة، كما كان يفعل ابن عمر في رواية نافع. وهو مذهب مالك لم يختلف قوله في أنه يقصر بمنى وبعرفة وفي مواطن الحج إلا في رجوعه من منى إلى مكة بعد انقضاء حجه، إذا نوى الإِقامة بمكة أو كان من أهلها على ما تقدم، فكان أولاَ يقول: إنه يتم، مراعاة لقول من يرى أنه يتم، إذ ليس في سفر تقصر في مثله الصلاة، وهو مذهب أهل العراق، ثم رجع فقال: إنه يقصر حتى يأتي مكة، بناء على أصله في أنه من أهل القصر دون مراعاة منه لقول غيره.
وكذلك اختلَف في ذلك أيضاً اختيار ابن القاسم. فمن ذهب إلى أنه يتم قال: إنما قصر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمنى وعرفة، لأنة كان مسافراً إذ لم يقم بمكة قبل. خروجه إقامة يجب عليه بها الإِتمام وهو مذهب أهل العراق. ومن ذهب إلى أنه يقصر قال: بل قصر رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بمنى وعرفة وقد أقام بمكة إقامة تخرجه عن السفر، لأنه قدم مكة صبيحة رابعة من ذي الحجة. فأقام بمكة إلى يوم التروية. وذلك أربع ليال، وقد مضى هذا المعنى في رسم شك من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة وباللَّه التوفيق.
[ما يقال في الحج عند محاذاة الركن في بطن المسعى]
فيما يقال في الحج عند محاذاة الركن في بطن المسعى وسئلِ مالك عما يتكلم به الناس إذا حاذوا الركن الأسود: اللَّهُمَّ إِيمَاناَ بِكَ وَتَصدِيقاً بِكِتَابِكَ، وما يتبعه من الكلام مثل ما يقول في بطن المسعى: اللَّهُمَّ اغْفِرْ وَارْحَمْ واعْفُ عمّا تَعْلَمُ، فأَنكر ذلك وقال: ليس في هذا شيء معروف، ولا أعرف هذا، وأنكر أن يكون هذا من العمل، قال: وليس في ذلك شيء معروف، إلا على ما تيسر.
قال محمد بن رشد: قد استحب ابن حبيب أن يقول الحاج عند استلام الركن: بِاسْم اللَّهِ وَاللَّهُ أكْبَرُ اللَّهمَّ إِيماناً بِكَ، وَتَصْدِيقاً بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قال فقد حدثني أصبغ عن ابن وهب عن محمد بن