مسألة وسئل سحنون عن الزيت تقع فيه الفارة، هل يجوز أن ينتفع به؟ قال: لا بأس، أن يستصبح به إذا تحفظ منه، وأن يدهن به مثل الحبل والعجلة. قيل له: فهل يجوز أن يعمل به صابونا يغسل به ثوبه، ولا يعمله للبيع إلا لغسل ثوبه؟ قال: نعم، إذا طهر ثوبه بماء طاهر.
قال محمد بن رشد: إجازة سحنون الانتفاع بالزيت النجس هو قول مالك في رسم "البز" من سماع ابن القاسم من كتاب الصلاة، وفي غيره من المواضع، وقول جميع أصحابه حاشا ابن الماجشون، فإنه لا يجيز الانتفاع به في وجه من وجوه المنافع، ودليله أن حكمه حكم الميتة لنجاسته. وقد روي:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر أن لا يستمتع من الميتة بإهاب ولا عصب» والأول هو الصحيح؛ لأن الحديث يعارضه ما هو أصح منه، وهو حديث ابن عباس في الموطأ:«أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر بشاة ميتة كان أعطاها مولى لميمونة زوج النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: ألا انتفعتم بجلدها، فقالوا: يا رسول الله، إنها ميتة، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنما حرم أكلها» ، وفي قوله: ولا يعمله للبيع دليل على أنه لا يجيز عمله للبيع، وإن بين عند البيع، وهو المنصوص من قول مالك وأصحابه حاشا ابن وهب، وقد وقع من تعليل قول مالك في رسم "الشجرة تطعم بطنين في السنة" من سماع ابن القاسم، من كتاب الصلاة، ومن هذا الكتاب في بعض الروايات، ومن سماع أشهب من كتاب الضحايا ما يدل على