على أحد قولي مالك في إجازة جمل في جمل مثله نقدا، وجمل مثله إلى أجل، والمشهور من قوله أن ذلك لا يجوز وهو الصحيح، وبالله التوفيق.
[مسألة: كبار الحمير في صغار البغال على حال من الأحوال إلى أجل كذلك]
مسألة ولا خير في كبار الحمير في صغار البغال على حال من الأحوال إلى أجل كذلك، قال لي مالك: ولا بأس بكبار البغال بصغار الحمير على ما وصفت لك اثنان بواحد إلى أجل؛ قلت: ولم كرهت كبار الحمير بصغار البغال؛ قال: لا أجد فيه إلا الإتباع؛ لأن مالكا قاله؛ قلت: فمن أي وجه أخذ؟ قال: كأنه من وجه أن الحمير تنتج البغال؛ قلت: فلو كان إلى أجل قريب ليس فيه تهمة؟ قال: لو كان مثل الخمسة الأيام وما أشبهها، لم أر به بأسا.
قال محمد بن رشد: الظاهر من هذه المسألة أن مالكا لم يجز أن يسلم كبار الحمير في صغار البغال، وأن ابن القاسم كره ذلك اتباعا لمالك، وتأول عليه أنه إنما لم يجز ذلك من أجل أن الحمير تنتج البغال، فأجاز ذلك إلى الأجل القريب الذي لا تهمة فيه الخمسة الأيام وشبهها، وأجاز أن يسلم كبار البغال في صغار الحمير، إذ لا ينتج البغال الحمير؛ وعلى هذا كان الشيوخ يحملون المسألة ويعترضونها، واعتراضهم لها على ما كانوا يحملونها عليه صحيح؛ لأن الكراهة لتسليم كبار الحمير في صغار البغال ضعيفة، وحجة ابن القاسم باتباع مالك عليها غير صحيحة؛ إذ لا يصح للعالم اتباع العالم في قول يرى أنه لا وجه له في الصحة، وتأويله عليه أنه قال ذلك من وجه أن الحمير تنتج البغال بعيد، لبعد المزابنة في ذلك؛ وإذ تأول هذا عليه واتبعه على قوله، فكان يلزمه أن يقول إن ذلك جائز إلى الأجل البعيد الذي لا يمكن أن يكون فيه من الحمير بغال،