قال محمد بن رشد: حمل مالك يمين الحالف بالطلاق على أنه لا يدخل بطون العباد شيء أخبث من الشراب المسكر، على أن المعنى فيه أنه لا يدخل بطونهم شيء هو أشد في التحريم وأعظم في الإثم وأكبر في الجرم من الشراب المسكر، ولذلك رأى الطلاق قد لزمه. وقيل: من أجل أنه رأى الربا أشد تحريما وأعظم إثما وأكبر جرما، بدليل ما توعد الله به في الربا، ولم يذكر في الخمر مثله، فعلى هذا التأويل لو حلف الحالف أنه لا يدخل بطون العباد أخبث من الربا [لم يحنث. وقيل: إنه إنما رأى الطلاق قد لزمه من ناحية الشك أنه لا يدري أي المحرمات أخبث، أي أشد في التحريم وأعظم في الإثم، بدليل قوله: وما هذا عندي بالبين، فعلى هذا التأويل لو حلف أنه لا يدخل بطون العباد أخبث من الربا] لحنث أيضا، وهو أولى التأويلين لعدم النص في ذلك، وهذا صحيح إذا أراد الحالف هذا المعنى الذي حمل عليه مالك يمينه أو كان ثم بساط يدل عليه.
وأما إذا عريت يمينه من نية أو بساط فلا ينبغي أن يحنث؛ لأن الخبث القائلة والشر والخبيث نعت كل فاسد، وفي الخمر معاني خبيثة ليست في سائر المحرمات من ذهاب العقل وإيقاع البغضاء والعداوة والصد عن ذكر الله وعن الصلاة كما ذكر الله تعالى، فيجب أن تحمل يمين الحالف بهذه اليمين إذا لم تكن له نية، على أنه أراد أنه لا يدخل بطون العباد شيء أشد عليهم وأضر بهم في دينهم ودنياهم من الشراب المسكر فلا يحنث؛ لأن من سكر جهل على الناس وسفه في ماله واستسهل الجرائم وعطل الفرائض، وقد روي أن سبب يمين هذا الحالف هو أنه رأى سكرانا في بعض أزقة المدينة يروم تناول القمر ليدخله في كميه، وفي بعض هذا بيان.
[مسألة: الأحق بالحضانة]
مسألة وسئل: عمن فارق امرأته وله منها بنت فطرحتها إليه ولحقت