لهما فزوجاها جميعا بعد موت الأب، ثم أنكرت الجارية أن تكون علمت أن أباها أوصى بذلك إليها أترى أن تقبل شهادتها؟ فقال: لا، ولكن لو شهدا عند القاضي قبل أن يزوجاها لجازت شهادتهما، وإن رضيت ما صنعا ولم تنكر ذلك عليهما رأيت النكاح جائزا.
قال محمد بن رشد: قوله: إن شهادتهما لا تجوز إذا زوجاها فلم ترض بين لا إشكال فيه ولا اختلاف؛ لأنهما أشهد أن يجيزا فعلهما وأما قوله: إنهما لو شهدا بذلك عند القاضي قبل أن يزوجاها لجازت شهادتهما، فهو خلاف نص ما في المدونة من أنه لا تجوز شهادة الموصى إليه، وإن كان طالب الحق غيره، ومن أنه لا تجوز شهادة الرجل بأن الميت أوصى إلى أبيه، وإذا لم تجز شهادته أنه أوصى إلى أبيه، فأحرى أن لا تجوز شهادته إذا أوصى إليه. فقوله في هذه الرواية، مثل ما يدل عليه قوله في المدونة الذي يشهد أن الميت أوصى لقوم بوصايا، وأوصى للشاهد. قال ابن القاسم: فسمعت مالكا يقول: إن كان الذي شهد به لنفسه يسيرا تافها لا يتهم عليه، فشهادته جائزة.
فأجاز شهادته إن كان الذي أوصي له به يسيرا مع أنه أوصى إليه في تنفيذ جميع وصاياه، وأما قوله: وإن رضيت ما صنعا ولم ينكر ذلك عليها رأيت النكاح جائزا فهو الذي يدل عليه قوله في أول المسألة ثم أنكرت الجارية؛ لأن فيه دليلا على جوازه لو لم تنكر، ومعنى ذلك عندي: إذا كان الرجلان اللذان زوجاها وادعيا التقديم على ذلك من الأب، وليس من أوليائها وأما إن كان أجنبيين فلا يجوز النكاح، وإن أجازته؛ لأنه عقده غير ولي. وبالله التوفيق.
[مسألة: أوصى في مرضه فقال عبدي فلان يخدم فلانا الأجنبي سنة ثم هو حر]
مسألة وسئل عن رجل أوصى في مرضه فقال: عبدي فلان يخدم فلانا الأجنبي سنة، ثم هو حر، وعبدي فلان الآخر حر بعد سنة،