يتناجزا بيع الطعام عند ما تبايعا، ولا يجوز بيع الطعام بالطعام إلا يدا بيد لا يفترقان وبينهما عمل؛ وقد قال أشهب لا يجوز التصديق في الصرف ولا في تبادل الطعامين، وقاله ابن المواز لهذه العلة، مثل قول سحنون والمخزومي، وقد روى ابن نافع عن مالك إجازة ذلك، مثل قول ابن القاسم؛ ووجه ذلك أن التناجز قد حصل بينهما بالتقابض، وما يطرأ بعد ذلك من وجود النقصان الذي تقوم عليه البينة فيوجب أن يرد من الطعام بمقدار ما نقص من الزيت، لا يؤثر في صحة العقد؛ كما لا يؤثر في صحة الصرف ما يوجد فيه بعد التناجز من زائف أو ناقص، إذ لم يأخذه على أن يكيله، وإنما أخذه على أن يصدقه بما أخبره به من كيله ولا يكيله؛ فكأنه قد باع جزافا بجزاف، وهو عندي خفيف في الصرف وفي مبادلة الطعام بالطعام بالكيل على التصديق فيهما، أو في أحدهما؛ لأنه إن وجد في أحدهما نقصانا، رجع بما يجب له من كيل قد كان عرفه، فانتقض الصرف والبدل فيه؛ ومضى فيما سواه على العقد الأول، والكيل الذي وقع به؛ وأما في بيع الطعام جزافا بالكيل، أو التبر جزافا بالدنانير، فهو ثقيل؛ لأنه إن وجد نقصانا فيما صدقه من الكيل، أو الوزن، لم يدر ما يرجع به عليه في الجزاف الذي دفع إليه إلا بعد كيل جميعه أو وزنه؛ فيئول الأمر في ذلك إلى الصرف المتأخر، أو الطعام غير يد بيد؛ إذ لا يدرى ما يمضي فيه البيع من الجزاف الذي قبض في الكيل الذي دفع إلا بعد الكيل، فيتحصل في المسألة قولان وتفرقة.
[مسألة: باع أمة لها ولد وشرط أن عليهم رضاعه سنة ونفقته سنة]
مسألة قال ابن القاسم وسمعت مالكا يقول من باع أمة لها ولد وشرط أن عليهم رضاعه سنة ونفقته سنة، فذلك جائز إذا كان