قال محمد بن رشد: قد قيل: إنه لا ينفذ وصيته بعتق مصابة شريكه، ولا يقوم عليه إلا برضاه، روي عن سحنون أنه قال: رأيت فيه رواية لابن وهب عن مالك وهي هل أن شريكه إن أبى لا يستتم نصيب شريكه ويعتق نصيبه وحده؟ قال أبو إسحاق التونسي: والأشبه ما روى ابن وهب، ولا أدري من أين أنكرها سحنون - وهو كما قال أبو إسحاق؛ لأن القياس كان إذا أوصى بعتق حظه من العبد أن يقوم عليه بقيته في ثلثه، وإن لم يوص بذلك كما يقوم عليه حظ شريكه في ثلث إذا أعتق نصيبه منه في مرضه، فيتحصل في ذلك ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن يقوم عليه في ثلث نصيب شريكه وإن لم يوص بذلك، وهو القياس على قول مالك في الذي يعتق حظه من العبد أن يقوم عليه بقيته في مرضه.
والثاني: أنه لا يقوم عليه، وإن أوصى بذلك، إلا أن يشاء الشريك وهو قول مالك في رواية ابن وهب عنه، وهذان القولان جاريان على قياس.
والثالث: أنه لا يقوم عليه إلا أن يوصي بذلك وهو قول مالك في هذه الرواية استحسانا، وبالله التوفيق.
[مسألة: جارية بين رجلين أعتق أحدهما مصابته منها فلم يقوم عليه حتى ولدت أولادا]
مسألة قال: وسمعته يسأل عن جارية بين رجلين أعتق أحدهما مصابته منها فلم يقوم عليه حتى ولدت أولادا، أتقوم عليه هي وولدها؟ قال: نعم يقومون عليه جميعا، ويعتقون عليه هم وأمهم- إن كان له مال، ورواها ابن القاسم عن مالك في كتاب طلق بن حبيب.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال؛ لأن ولدها بمنزلتها فكما يعتق عليه مصابته من ولدها، فكذلك يقوم عليه مصابة شريكه من ولدها، كما يقوم عليه مصابته منها، وبالله التوفيق.