قال محمد بن رشد: حكى عبد الحق عن بعض البغداديين أن الذي يسلس بوله أو مذيه من إبردة، إنما يستحب له الوضوء لكل صلاة إذا كان ينقطع المذي أو البول ثم يعود. وأما إن لم ينقطع ذلك البتة فلا معنى لاستحباب الوضوء لكل صلاة، وهو معنى صحيح ينبغي أن يحمل على التفسير لجميع الروايات، فنقول: إن معنى قوله في هذه الرواية فلا ينقطع عنه؛ أي لا يكاد ينقطع، لا أنه يسيل أبدا لا ينقطع، وهذا جائز أن يسمى الشيء باسم ما قرب منه، ومنه قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه» . وقد اختلف إن صلى صلاتين بوضوء واحد من غير ضرورة ولا مشقة تلحقه، فقيل: يعيد الأخرى في الوقت، وقيل: لا إعادة عليه، حكى ابن المواز القولين جميعا عن مالك في المستحاضة، وهذا مثله؛ لأنه ساوى بينهما على ظاهر قوله في المدونة، وكذلك قال ابن المواز وإن ذلك كالذي يسلس منه البول. وقد يحتمل أن يفرق بينهما للاختلاف في المستحاضة، فقد قيل: عليها الغسل لكل صلاة، وقيل: عليها أن تغتسل للظهر والعصر غسلا واحدا، وللمغرب والعشاء غسلا واحدا، وللصبح غسلا واحدا. وقيل: إنها تغتسل من ظهر إلى ظهر. وذهب مالك إلى أنها تغتسل غسلا واحدا وتتوضأ لكل صلاة، وبالله التوفيق.
[مسألة: الرجل يمرض فتغمز امرأته رجليه ورأسه]
مسألة وسئل مالك عن الرجل يمرض فتغمز امرأته رجليه ورأسه، قال: لا ينقض ذلك وضوءها، والرجل مثل ذلك لامرأته، وإنما ينقض الوضوء ما كان من ذلك للذة. فأما الرجل تناوله امرأته الشيء أو يناولها، فتمسه أو يمسها فليس عليه شيء، وإنما الذي عليه من