ظنت مثلها تحيض، فلتعد ذلك الدم حيضا وتغتسل منه إذا انقطع عنها وتصلي، وإن قلن: إن مثلها لا تحيض فلا تعد ذلك الدم حيضا ولا تترك الصلاة له ولا تغتسل منه، قاله ابن القاسم في المجموعة، وقال ابن حبيب: إنها تغتسل وليس ذلك بصحيح؛ وإن شككن فيها عدت ذلك حيضا؛ لأن ما تراه المرأة من الدم محمول على أنه حيض حتى يوقن أنه ليس بحيض من صغر أو كبر؛ لقول الله عز وجل:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}[البقرة: ٢٢٢] والأذى الدم الخارج من الرحم، فوجب أن يحمل على أنه حيض حتى يعلم أنه ليس بحيض، وهذا ما لا أعلم فيه خلافا، وبالله التوفيق.
[الرجل يغسل رأسه بالبيض]
ومن كتاب النذور والجنائز والذبائح قال مالك: وسألني رجل عمن غسل رأسه بالبيض فقلت له: ما يعجبني ذلك، ولكل شيء وجه، ما له يدع الغاسول ويغسل بالبيض؟ فقيل له: أرأيت الأرز يغسل به اليد؟ أهو مثله؟ قال: هذا أخف عندي، هذا مثل الأشنان.
قال محمد بن رشد: أما الأرز بإسكان الراء، فإذا لم يكن من الطعام فغسل اليد به جائز لا وجه للكراهة فيه، وأما ما كان من الطعام فغسل اليد والرأس به مكروه، وقد مضى في آخر رسم "البز" وجه الكراهة فيه والجمع بين ما يعارض ظاهره في ذلك من الروايات. وأما الرواية فيه بتحريك الراء وتشديد الزاء فخطأ لا يستقيم الكلام عليها؛ لأنها من رفيع الطعام فلا وجه لتخفيفه على غيره من الطعام، فإن كان لشجر الأرز ثمر يؤكل عند الحاجة أو على وجه التداوي فقوله في تخفيف غسل اليد به وتشبيهه بالأشنان بين؛ لأن الكراهة في هذا إنما هي بحسب حرمة الطعام، فلا شك أن غسل اليد بدقيق الكرسنة أخف منه بدقيق القمح، وبالله التوفيق.