مسألة وسئل مالك عن نضح الثوب ما وجه ذلك؟ قال: تخفيف، وهو جيد. قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ - للرجل حين سأله لعلي، قال:«اغسل ذكرك وأنثييك وانضح» . وكان عبد الله بن عمر ينضح، وهو حسن، وهو تخفيف، يريد تخفيفا لما يشك فيه.
قال محمد بن رشد: هذا أصل قد تقرر في المذهب أن ما شك في نجاسته من الثياب يجزي فيه النضح. والأصل في ذلك نضح أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - للنبي، - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، الحصير الذي صلى عليه. وأن عمر بن الخطاب لما غسل ما رأى في ثوبه من الاحتلام نضح ما لم ير. وأما احتجاجه في الرواية لذلك بقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «اغسل ذكرك وأنثييك وانضح» فليس ببين؛ لأن النضح بعد الغسل لما قد غسل ليس لشك في نجاسته، وإنما هو لرفع ما يخشى أن يكون يطرأ عليه بعد ذلك من الشك في أن يكون قد خرج منه بعد الغسل بقية من ذلك المذي، كما قال سعيد بن المسيب: إذا توضأت وفرغت فانضح بالماء، ثم قل: هو الماء. ووجه ما ذهب إليه في احتجاجه أن النضح يرفع الشك الذي قد وقع كما يرفع الشك الذي يتوقع، ويحتمل أن يكون أراد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بقوله:" وانضح " أي: انضح ما شككت فيه من ثيابك أن يكون المذي قد أصابه. فعلى هذا التأويل يصحح الاحتجاج بالحديث لوجوب نضح ما شك في نجاسته من الثياب، ويكون بينا لا إشكال فيه. وإنما أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغسل أنثييه لما يخشى أن يكون قد أصابهما من الأذى؛ لأن المذي من شأنه أن يمتد وينفرش، ولذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ليس على الرجل غسل أنثييه