سحنون: يعيد ظهرا أربعا. ووجه قول مالك أن الصلاة لما كانت في هذه المواضع جائزة لمن ضاق عنه المسجد وجب أن تجوز صلاة من صلى فيها وإن لم يضق عنه المسجد، أصل ذلك من صلى في الصف الثاني وهو يجد سعة للدخول في الصف الأول.
ووجه قول سحنون أن المسجد من شرائط صحة الجمعة، فإذا صلى خارجا منه وهو قادر على الصلاة فيه وجب أن لا تجزئه صلاته، أصل ذلك من صلى مكشوف العورة وهو قادر على سترها.
[قراءة سورة الإخلاص مرارا في ركعة واحدة]
ومن كتاب أوله المحرم يتخذ الخرقة لفرجه وسألته عن قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١]{اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص: ٢] مرارا في ركعة واحدة فكره ذلك وقال: هذا من محدثات الأمور التي أحدثوا.
قال محمد بن رشد: كره مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، للذي يحفظ القرآن أن يكرر {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] في ركعة واحدة مرارا لئلا يعتقد آخر أن أجر من قرأ القرآن كله كأجر من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] ثلاث مرات تأويلا لما روي «عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أنها تعدل ثلث القرآن» ، إذ ليس ذلك معنى الحديث عند العلماء، ولو كان ذلك معناه عندهم لاقتصروا على قراءة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] في الصلوات بدلا من قراءه السور الطوال، ولكرروها في الركعة الواحدة من فرائضهم ونوافلهم، ولا قتصروا على قراءتها دون سائر القرآن في تلاوتهم، فلما لم يفعلوا شيئا من ذلك وأجمعوا أن من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] في ركعة واحدة لا يساوي في الأجر من أحيا الليل وقام فيه بالقرآن كله.
قال مالك، - رَحِمَهُ اللَّهُ -، إن تكريرها في ركعة واحدة من محدثات الأمور ورأى ذلك بدعة، وهو كما قال، - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولا دليل على أن تكريرها في ركعة واحدة أفضل من قراءة سورة طويلة تزيد في القدر على قدر ما يجتمع من تكريرها المرات التي كررها فيها، فيما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري أنه سمع رجلا يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: ١] يرددها فلما أصبح غدا إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -