دينا على ميت وأحد ورثته غائب فيدعي الحاضر أن الميت قد قضاه ويقيم على ذلك بينة فيجرحها المدعي فيقضي له القاضي بحقه بعد اليمين أنه ما قضاه ويكتب له إلى موضع الوارث الغائب بتسمية من يجرح عنده من الشهود إن كانوا قد جرحوا عنده لأن الشهود إذا جرحوا لا يعمل فيهم التعديل؛ لأن شهادة المجرحين أعمل من شهادة المعدلين، فلم يكن للمحكوم عليه في تسميتهم وجه منفعة، وإذا عدل الشهود عمل فيهم التجريح، فلذلك يجب أن يكتب أسماء الذين عدلوا ولا تكتب أسماء الذين جرحوا، وجب عليه أن يكتب أسماء المجرحين لهم؛ لأنه إذا سماهم في الحكم عليه وجد سبيلا إلى تجريحهم فسقطت الجرحة بذلك على شهوده وبقوا على أصل العدالة، وهذا في الحكم على الغائب، وفي كتابه إلى القاضي بذلك. وأما في الحكم على الحاضر فقد مضى في المسألة التي قبل هذه أن تسمية الشهود الذين عدلوا لا تجب في ذلك، إذ لم يحكم عليه إلا بعد الإعذار إليه، فكيف في تسمية الذين جرحوا، وبالله التوفيق.
[مسألة: وجود أكثر من شاهد بنفس الإسم والصفة]
مسألة وسئل عن القاضي يكتب إلى القاضي في رجل بصفته واسمه ونسبه في حق عليه، فيجد القاضي رجلين أو ثلاثة في ذلك البلد أسماؤهم وصفاتهم متفقة، أيختار صاحب الكتاب ويأخذ من ذكر أنه منهم أم ماذا يصنع فيه؟ فقال: لا يختار صاحب الكتاب أحدا منهم، ولا يكون له شيء حتى يثبت أنه أحدهم، أو لا يكون في ذلك البلد أحد غيره كذلك، فحينئذ يستوجبه عليه حقه، إلا أن تكون له حجة.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه أنه إذا وجد بالبلد رجلين أو ثلاثة على تلك الصفة أنه لا يصدق في الذي يدعي منهم إلا أن يثبت ذلك؛ واختلف إن سأل من الذي يدعى عليه منهم أنه هو حميلا حتى يأتي بالبينة. فقيل: إنه لا يعدي عليه بحميل. وهو قول ابن