مسألة وإذا دفع الرجل إلى الرجل وإلى عبده مالا قراضا، فإن كان إنما يجعل العبد ليكون على الآخر عينا وليحفظ عليه أو ليعلمه فلا خير فيه، وإن كانا أمينين تاجرين، وإن كان العبد أدنى عملا من الآخر فلا بأس به إذا لم يكن ما ذكرت.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله إذا كانا أمينين تاجرين فذلك جائز وإن كان الرجل أبصر بالتجارة من العبد لأن الرجل يجوز أن يدفع إلى عبده مالا قراضا على ما قاله في المدونة وغيرها، فإذا جاز ذلك جاز أن يدفعه إليه وإلى غيره على أن يشتركا في العمل به وإن كان أحدهما أبصر بالتجارة من صاحبه لأن الشركة جائزة في التجارة بين الرجلين، وإن كان أحدهما أقعد بها من الآخر، وفي الصناعة، وإن كان أحدهما أصنع من الآخر، إذ لا بد أن يكون التجار بعضهم أتجر من بعض والصناع بعضهم أصنع من بعض.
وأما إن كان العبد غير بصير بالتجارة فدفع إليهما القراض ليعلمه التجارة أو كان الرجل غير أمين فدفع إليهما المال ليكون العبد عليه عينا في حفظه لا يجوز ذلك، فإن وقع الأمر على هذا ولم يعثر عليه حتى فات بالعمل رد الرجل في عمله إلى إجارة مثله، وذلك إذا قامت البينة أن عملهما كان على هذا الوجه أو تقارا بذلك صاحب المال والرجل طلبا للحلال، وأما إذا اختلفا في ذلك فادعى أحدهما الإفصاح بأحد الشرطين وأنكره الآخر فالقول قول من ادعى الصحة منهما إلا أن يكون مدعي الفساد هو الذي يشبه قوله بما يعلم من صفة حال العبد والرجل فيكون القول قوله، وأما إن قال السيد: كانت تلك نيتي ومقصدي وإرادتي، وقال الرجل: لم أعلم بذلك من مقصدك، وإرادتك، ولو علمت لما دخلت معك فيه لوجب أن ينظر، فإن كانت إجارة مثله أكثر من حصته من الربح وفاه ذلك؛ لأنه مقر له به، وإن كانت مثلها أو أقل لم يكن عليه شيء، وبالله التوفيق.