قال محمد بن رشد: هذا كما قال: إنه إذا لم يعرف أصل الحق لم تنتفع الورثة بالبراءة، لاحتمال أن يكون ما زاد على المائة التي أقر بها باقية عليه، وأما إذا عرف وجه الحق، فوجه قوله: إن البراءة تنفعه، هو ما ذكره من احتمال أن يكون نسي أنه قضاه الخمسين، ولذلك أقر له بجميع المائة، إذ لو صح من مرضه، فجاء بالبراءة وادعى أنه نسي ما قضاه، لوجب أن يصدق في ذلك مع يمينه، قياسا على ما قاله. في الذي يصالح الرجل على بعض حقه، ثم يجد بينة، لم يعلم بها، أو ذكر حق قد كان كتبه عليه.
وقد مضى تحصيل القول في رسم أخذ يشرب خمرا من سماع ابن القاسم، من كتاب المديان والتفليس، فلا وجه لإعادته، وبالله التوفيق.
[مسألة: وصى عند موته أن يعتق نصف مكاتبه]
مسألة وعن رجل أوصى عند موته أن يعتق نصف مكاتبه، ويؤخر عنه النصف في ثلاث نجوم، نجم في كل سنة، فقال رجل من الورثة: أنا أضمن لكم هذه الثلاثة نجوم، نجم في كل سنة، وأعتقوا النصف الباقي، قال: لا خير في هذا. قيل له: فإن فعلوا ذلك. قال: فالعتق جائز إذا أعتقوا قيل له: أرأيت إن حلت السنة فلم يجدوا عند الذي ضمن لهم شيئا أترى أن يرجعوا على العبد بشيء؟ قال: لا. قد ثبتت الحرية، ولكن يكون على الذي ضمن دينا يتبع به، ولا يرجع على العبد بشيء، قال: فلمن ولاؤه؟ قال: للذي أعتق أولا.
قال محمد بن رشد: إنما قال: إن ذلك لا خير فيه؛ لأنه ضمان بثمن ضمن لهم الأنجم التي لهم على المكاتب، على أن عجلوا له العتق واحتالوا عليه أيضا بما كان لهم على المكاتب، إذا برأوا المكاتب مما كان لهم عليه وأعتقوه، ولا تجوز الحوالة بما لم يحل من الديون، فالمكروه في