لأبيك» . فلما كان مال الابن كأنه مال الأب لم ير أن يقطع يد عبد الأب فيه، إذ لا يقطع العبد إذا سرق مال سيده، وهو ضعيف؛ لأنه إنما لم يقطع العبد إذا سرق من مال سيده إذ لا يجمع على السيد عقوبتان: ذهاب ماله وقطع يد غلامه، ووجه تفرقة يحيى بن يحيى بين أن يكون الابن في حضانة أبيه أو لا يكون في حضانته هو أنه إذا كان في حضانته فهو الحائز لماله وقد قال في كتاب محمد بن المواز إن العبد إذا سرق من وديعة عند سيده الأجنبي من بيت لم يؤمن على دخوله لم يقطع، وإذا لم يقطع فيما حازه سيده الأجنبي فأحرى ألا يقطع فيما حازه لابنه فهي تفرقة جيدة وبالله التوفيق.
[مسألة: الحرز إنما هو على ما جرت به عادة الناس]
مسألة وقال مالك في مطامر يجعل الناس فيها أطعماتهم يخزنونها فيها، منها ما يغيب ويعفي حتى لا يعرف موضعها بالفلاة وبحضرة الدار، ومنها ما يكون بينا بحضرة أهله فيسرق منه قيمة ثلاثة دراهم أو أكثر، قال مالك: أما ما كان في الفلوات قد عفا عليه وأسلمه صاحبه ولا خفاه فلا أرى فيها قطعا والله أعلم، وأما ما كان بحضرة أهله معروفا بيننا فالقطع على من سرق منه قيمة ثلاثة دراهم فصاعدا.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن الحرز إنما هو على ما جرت به عادة الناس أن يحرزوا به امتعاتهم، فمن أسلم طعامه وتركه في الفيفاء قد عفى عليه وأسلمه وأعفاه فليس في حرز إذ ليس يحرز أحد طعامه بهذا، بل من فعل ذلك فقد أهمله وعرضه للتلف.