بينهم، وأمرهم ألا ينقصوا من أعطية أهل الكوفة أعطياتهم وأعطيات عمالهم، فاشتراها ابن حريث بذلك كله، فبلغني أنه باع أحدهما بما اشتراهما به وربح الآخر.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بين، لأن الله عز وجل لما قال:{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[الأنفال: ٤١] دل على أن الأربعة الأخماس الباقية للغانمين، فعصم الله عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن الخطأ بما أراه الله في منامه مما نبهه على النظر الذي رأى به أن أهل الجيش أحق بأن يقسم بينهم بالسهمان (كذا) يريد بعدما أخرج الخمس منهما ورأى ذلك زيادة لهم على أعطياتهم فأمر أن لا ينقصوا منها شيئا بسببها لأنها غنيمتهم، وبالله التوفيق.
[تسارع الناس إلى ما نهوا عنه]
في تسارع الناس إلى ما نهوا عنه قال مالك: قالت عائشة لو نهي الناس عن جاحم الجمر لقال قائل: لو ذقته.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أن الناس إذا نهوا عن شيء أتاهم الشيطان فوسوس إليهم في ذلك وزين لهم فعل ما نهوا عنه حتى يوقعهم في الإثم والحرج، كما فعل بأبويهم آدم وحواء إذ قال لهما ربهما:{وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأعراف: ١٩] ، أي لا يفتنكما، فوسوس لهما الشيطان وقال لهما: