ذلك وقال: كيف تدفع إلى من دفع؟ لا أرى ذلك، ثم رجع عنها بعد ذلك، فقال في نعم: إني لأستحب ذلك - إذا كان محتاجا.
قال محمد بن رشد: زكاة الفطر إنما هي زكاة الرقاب، ليست بزكاة الأموال، فهي تجب على من لا مال له إذا كان عنده فضل عن قوت يومه، وفيه ما يؤديها منه - قاله ابن حبيب؛ وقال غيره: إلا أن يضر ذلك به، ويؤدي إلى جوعه، وجوع عياله، ومن ليس له إلا هذا المقدار، فهو من الفقراء الذين تحل لهم الزكاة، فلهذا وقع الاختلاف في هذه المسألة، فوجه قول مالك الأول، هذا ممن تجب عليه زكاة الفطر، فلا يأخذها قياسا على سائر الزكوات؛ ووجه القول الثاني أنه مسكين، فجاز أن يأخذ صدقة الفطر - قياسا على سائر المساكين - وإن كان هو ممن دفعها؛ وإذا جاز دفعها إليه، فهو أولى من غيره بما تبين من فضله؛ إذ دفع الزكاة مع مسكنته وحاجته، قال الله عز وجل:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}[الحشر: ٩]- الآية، فهذا وجه استحسان قول مالك لذلك، وهذا إذا دفعها إليه الذي تجمع عنده، ويلي تفرقتها، وكذلك يصلح إن يقرأ كيف يدفع على ما لم يسم فاعله، وأما أن دفعها إليه المسكين الذي دفعها هو إليه، فذلك مكروه - إن كانت هي بعينها، من أجل الرجوع في الصدقة، فمن أوجبها على من له فضل عن قوت يومه، قدرها لم يجز لمن يجب عليه أن يأخذها، لم يجز أن يعطي زكاة الفطر لمن عنده قوت يومه؛ ولا أن يعطي لمسكين واحد أكثر من صاع، إلا أن يكون ذا عيال، وهو قول أبي مصعب: إنه لا يعطاها من أخذها، ولا يعطى فقير أكثر من زكاة إنسان.
[مسألة: الحمص والفول الذي يبيعه أصحابه أخضر كيف تخرج زكاته]
مسألة وقال مالك في الحمص والفول الذي يبيعه أصحابه أخضر: