إذا كان لذلك وجه، وقد قيل: إنه لا يقبل منه ما أتى به بعد التعجيز كان طالبا أو مطلوبا؛ وفرق ابن الماجشون في الطالب بين أن يعجز في أول قيامه قبل أن يجب على المطلوب عمل، وبين أن يعجزه بعد أن وجب على المطلوب عمل، ثم رجع عليه، ففي تعجيز المطلوب قولان، وفي تعجيز الطالب ثلاثة أقوال؛ قيل: هذا في القاضي الحاكم دون من بعده من الحكام، وقيل: بل ذلك فيه وفيمن بعده من الحكام، وهذا الاختلاف، إنما هو إذا عجزه القاضي بإقراره على نفسه بالعجز، وأما إذا عجزه بعد التلوم والإعذار، وهو يدعي أن له حجة، فلا يقبل منه ما أتى به بعد ذلك من حجة؛ لأن ذلك قد رد من قوله قبل نفوذ الحكم عليه، فلا يسمع منه بعد نفوذه عليه، وقد مضى هذا في رسم النكاح، من سماع أصبغ، من كتاب النكاح، وفي رسم نذر سنة، من سماع ابن القاسم، من كتاب الأقضية، وبالله التوفيق.
[مسألة: تصدق على من بلغ الحوز فلم يحز لنفسه حتى مرض المتصدق]
مسألة قال: وكل من تصدق على من بلغ الحوز، فلم يحز لنفسه حتى مرض المتصدق، فأجازه في مرضه فلا صدقة له؛ وهو بمنزلة من أوصى لوارث حين منعه في صحته، وأسلمه في مرضه، فلا يجوز ذلك له، وقال ذلك أصبغ؛ إلا أنه لا يحاص بها أهل الوصايا، كما يحاص بوصية الوارث، ولكنها تطرح من رأس المال كشيء لم يكن، وتكون الوصايا في ثلث ما بعدها، وترجع ميراثا كالإقرار بدين لوارث في المرض، مما كان فيه من التوليج والتهمة سواء.